الرئيسية المقالات

نداء لأهل القلوب الحية

نداء لأهل القلوب الحية

تاريخ النشر: الخميس, 26 نوفمبر 2015 - 19:46 مساءً | عدد المشاهدات: 809
تبليغ عن رابط معطوب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وبعد :ــ يا أيتها الأمة الكريمة الغالية على الله تعالى ، يا أيها المؤمنون المسلمون المتقون ، يا من آمنتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، لا جرم أنكم تعلمون أن أعظم خطر يواجه الأمة ، وأكبر شر يعصف بها هو التفرق والاختلاف المذموم الذي يفت في عضد الأمة ويهلك كيان الأمة ، وإن من أخطر ما حذرنا منه ديننا هو أن نكون أحزابا وشيعا يضرب بعضنا رقاب بعض ، وإننا في هذه الأزمنة نرى تفككا في صف الأمة ، وبعثرة في كيان وحدتها ، فلماذا يضرب بعضنا بعضا ونحن أمة واحدة وديننا واحد وكلمتنا واحدة ودعوانا واحدة ؟ لماذا هذا التفرق ونحن لا نؤمن إلا بإله واحد ، ونبي واحد ؟ لماذا هذا الاختلاف الكبير بيننا ونحن منهجنا واحد ودولتنا واحدة ؟ ما الذي تغير فينا ، وما الذي جرى لقلوبنا ، فولايتنا هي ولايتنا ،وعلماؤنا هم علماؤنا ومنهجنا هو منهجنا ودولتنا هي دولتنا ، فما الذي حصل حتى يكون بيننا هذا الشقاق الكبير والتنازع الخطير والذي لن نجني منه إلا كل دمار وعار وتأخر ، نحن لا نريد أن نشيد بنيانا من الإسمنت والطين وندعي فيه التقدم والرقي ، بل نريد أن نبني بنيانا من جسور المحبة والوفاق والتآخي والعطاء ، نريد أن نبني مجتمعا متآلفا متعاضدا متماسكا ، نريد أن نبني أخوة إيمانية قائمة على ساق المحبة في الله ، نريد أن نحقق مبدأ الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، نريد أن نحقق التماسك الذي مثل له النبي صلى الله عليه وسلم بالبنيان الذي يشد بعضه بعضا ، نريد أن نكون على القيمة العالية والدرجة الرفيعة بين الأمم ، والتي كنا فيها في العصر الأول ، نعم ، أنا لا أدعي أنه ليس عندنا أخطاء ، فكل مجتمعات الدنيا فيها من الأخطاء ما يكفيها ، ولكن لا بد وأن نهدأ في معالجة الأخطاء و أن نسلك في علاجها الطريق الذي يكفل لنا بقاء وحدتنا واتفاق كلمتنا وبقاء هيبتنا بين الأمم ، فلماذا القدح في النوايا ، ولماذا التشهير بالأخطاء في وسائل الإعلام ، ولماذا تتبع الهفوات وتلمس العثرات ، ولماذا يتكلم الصغار في الكبار ، ولماذا يقدح في الذوات ، سبحان الله ، أليس للمسلم حق على المسلم أن يناصحه بالطريقة التي لا يكون فيها تجريح ولا تشهير ، لماذا أيها الأحبة إذا تكلم متكلم في مسألة حملنا كلامه من المقاصد والنوايا ما لا يحتمل ، لماذا نجعل المنابر الإعلامية سهاما نوجهها إلى صدور إخواننا الذين يتفقون معنا في الدين والوطن ، فبالله عليكم ما الذي جنيناه من جراء ذلك إلا التفرق والخيبة والخسارة العظيمة ، وهذا والله ما لا يريده ديننا ولا ولاتنا ولا علماءنا ولا أظن مسلما يخاف على أمته ودينه ووطنه يرضى به ، فهذه دعوة صادقة من قلب محب لدينه ولمجتمعه أن نحيي فيما بيننا جذوة المحبة والإخاء الإيماني ، وأن نصفي قلوبنا على بعض ، وأن نرجع إلى مائدة الحوار الهادف بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والنصيحة المشفقة والنبرة الهادئة ، وأن ننبذ فيما بيننا أسباب الخلاف والفرقة ، وأن ننطوي تحت راية ولاة أمرنا من الأمراء والعلماء ، وأن لا نفرح علينا عدوا حاقدا ولا منافقا مترصدا ، وأن نسعى إلى بناء ديننا بالتعبد الصحيح والدعوة المخلصة وصدق الانتساب إلى هذا الدين العظيم ، وأن نجتهد في بناء وطننا بعرق قلوبنا بصدق ووفاء وإخلاص ، وأن نكون نحن وولاتنا أمراء وعلماءــ يدا واحدة وصفا واحدا وكلمة واحدة وقوة واحدة ، وأن لا نرضى أن يفرقنا خطأ صدر من بعضنا ، ولا خلل حصل من إخواننا ، ولا بغيض مندس بيننا ، ثم اعلموا أيها الموفقون من أبناء هذا الوطن الغالي أن الأمم من حولنا قد أزعجها تلك اللحمة القوية فيما بيننا ، وأقلق قلوبهم تلك الوحدة والأمن الذي نعيشه في مملكتنا الحبيبة ، وآلمهم تمسكنا بديننا وعاداتنا وأخلاقنا التي ورثناها من هذا الدين العظيم ، محبةٌ وتسامحٌ ، وأخوةٌ وصفاءٌ ، واتفاق وائتلاف ، وقد حاولوا هز تلك العروش من قلوبنا بكل مقدور عليه فلم يفلحوا ، ولكنهم اتجهوا إلى السلاح الفعال في الأمة وهو سلاح بث الفرقة والاختلاف بين أطياف الأمة ، فسلطوا بعضنا على بعض ، بالتشكيك في النوايا ، والقدح في الذوات ، والوصف بالأوصاف القبيحة المستهجنة ، وقد نجحوا نجاحا بسيطا في ذلك ، فلا بد من أن ننتبه وأن نستفيق ، حتى لا تتمكن خططهم ولا كيدهم من تحقيق مبتغاها الشيطاني في تفتيت كيان الأمة ، فالله الله أيها الأحبة في التوافق والتناصح والتعاون على البر والتقوى ، الله الله في السمع والطاعة للعلماء والأمراء في غير معصية الله ، الله الله في اتحاد الكلمة واتفاق القلوب ونبذ أسباب الاختلاف والتنازع ، الله الله في الاعتصام بحبل بالله المتين ،الله الله بالتمسك والتمسيك بغرز هذه الشريعة المباركة التي هي مصدر عز الأمة وموئل فخرها ، الله الله في إحسان الظن ببعضنا ، الله الله في الحكمة في معالجة الأخطاء بما لا يكون فيه تعد ولا تجاوز لحدود الأدب الذي قرره لنا ديننا ، والله العظيم إنها دعوة لا أريد بها عزا ولا مالا ولا جاها من أحد ، وإنما الدافع لها محبتي لديني ومحبتي لأمتي ولوطني ، وعلينا أن نكثر من حمد الله تعالى والثناء عليه بأن جعلنا مسلمين وأمَّر علينا ولاة مسلمين ، وجعلنا تحت راية علماء أهل السنة ، وجعل دولتنا هي النور الباقي على وجه هذه الأرض في تحكيم الشريعة ،فأمانة هذا الدين وحماية الوطن كبيرة وعظيمة ، وهي مسؤولية الجميع ، أسأل الله تعالى أن يوفقنا حكاما ومحكومين إلى ما فيه خيرنا في العاجل والآجل وأن يحفظ ديننا وأمننا وبلادنا ، وأن يجعلنا جميعا إخوة متحابين متآلفين متوادين ، ليس بيننا حقد ولا شحناء ، إنه سبحانه خير من سئل وأكرم من أعطى ، والله من وراء القصد ، والحمد لله أولا وآخرا ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ... كتبه محبكم / وليد بن راشد السعيدان .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

آفات طلب العلم

تاريخ النشر: الأحد 18 ذو القعدة 1437 هـ الموافق 21 أغسطس 2016 مـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، أما بعد : فإن هناك آفات كثيرة تعترض طالب العلم في طريق طلبه للعلم ، ولا سيما بعد تحصيل قدر طيب منه ، وهذه الآفات لا بد من النظر لها بعين الاعتبار ، وهي آفات كثيرة ، ولكن نذكر لك أخطرها وأهم ..

الأسباب مؤثرة لا بذاتها

تاريخ النشر: الأربعاء 17 جمادى الأولى 1437 هـ الموافق 24 فبراير 2016 مـ
.............................

كـل مـن اعتقد سببًا لـم يـدل عليـه شـرع ولا قـدر فهـو شرك أصغـر, وإن اعتقده الفاعل بذاته فهو شرك أكبر

تاريخ النشر: الأربعاء 17 جمادى الأولى 1437 هـ الموافق 24 فبراير 2016 مـ
..............................................

العبادة حق صرف محض لله تعالى, لا تصرف لا لملك مقرب, ولا لنبي مرسل, ولا لولي صالح, فضلا عن غيرهم

تاريخ النشر: الأربعاء 17 جمادى الأولى 1437 هـ الموافق 24 فبراير 2016 مـ
.........................

كل فهم يخالف فهم سلف الأمة في العقيدة والعمل فإنه باطل

تاريخ النشر: الأربعاء 17 جمادى الأولى 1437 هـ الموافق 24 فبراير 2016 مـ
.............................