اعتراف بالجميل لأهل العلم في الدلم
الحمد لله وبعد :ــ فإنه من باب الاعتراف بالجميل لأهل الفضل ، ومن لهم فضل بعد الله تعالى في دلالتي على العلم ، ومن لا يعرف الفضل لأهله فإنه لم يحقق مبدأ الشكر للناس ، ومن لا يشكر الناس فإنه ما عرف طريق الشكر لله تعالى ، فقد كان للشيخ سعد الغنيم دوره الكبير في تحبيبي في العلم ، وذلك لما كان الشيخ حفظه الله تعالى يشرح بلوغ المرام في جامع الغنيم ، وقد كان هذا من فترة طويلة ، ولكن لا تزال تلك الأيادي البيضاء لها بصماتها الطيبة علي في العلم ، وأذكر أن الشيخ حفظه الله تعالى كان هو الذي اشترى لنا الكتب ووزعها علينا ، وكانت طريقة شرحه على فقه الدليل ، من غير متابعة لمذهب معين ، فنمى فينا حب الدليل وحب النظر في القول الصحيح بعيدا عن التعصب المذهبي ، ولا تزال بعض اختيارات الشيخ مسجلة عندي ، ولا أزال أذكر تلك النصائح والتوجيهات التي كنا نسمعها منه بين الفينة والأخرى والحث على طلب العلم وحفظ المتون العلمية ، ولا تزال أصداؤها الطيبة تمتلك مشاعري ،ولا زلت أدعو للشيخ وفقه الله تعالى ، وهو وإن كان قد أبعد عن التدريس لكنه لا يزال شيخنا الذي نكن له كامل الحب وكبير الوفاء والعرفان ، فبه عرفنا التحلق حول أهل العلم ، واستماع العلم ، والتأدب بآداب طالب العلم ، فأسأل الله تعالى أن يجزيه عني وعن المسلمين خير الجزاء .
وأما الشيخ الثاني فهو شيخنا وأستاذنا أبو عبدالقيوم ، الشيخ سعود المانع ، وفقه الله ، وفضله في التعليم في البلد لا يكاد يخفى على أحد ، بل إن من لهم الدروس في الدلم في الوقت الراهن إنما هم نواة تخرجوا من دروس الشيخ سعود وفقه الله تعالى ، فقد كان الشيخ سعود نعم المعلم ونعم الفقيه ونعم المربي ، ولا ننسى تلك الحلقات العلمية التي كان يتحلق فيها من تخرجوا الآن قضاة ودعاة ، ولا يزال الشيخ ولله الحمد والمنة على تعليمه وتدريسه ، أسأل الله تعالى أن يوفقه وإخوانه لكل خير ، وأن يجزيه عني وعن المسلمين خير الجزاء ، فحق طلبة العلم في هذه البلد أن يشكروا الشيخ على جهوده في التعليم والإفتاء ، وأن يعرفوا له منزلته وفضله ــ وهم كذلك إن شاء الله تعالى ــ فلولا الله تعالى ثم الشيخ سعود ما رأيت هذه الحركة العلمية في الدلم .
وأما شيخنا الثالث ، فهو الشيخ عبدالعزيز القحيز ، ذلك العالم الذي نحسبه والله حسيبه على درجة كبيرة من الرسوخ في علم العقيدة والفقه ، وقد تشرفت بحضور أوائل حلقاته في شرح كتاب التوحيد والأربعين النووية ، وقد استفدنا من سمت الشيخ وأخلاقه الفاضلة وتواضعه الجم الشيء الكثير ، ولا يزال الشيخ وفقه الله تعالى على جهوده في الدعوة إلى الله تعالى والتعليم .
وأما شيخنا الرابع فهو الشيخ عبدالرحمن الداغري ، وقد كان الشيخ رحمه الله تعالى يتميز في علم النحو ، وقد استشرحنا عليه جملا من متن الألفية لابن مالك ، وقد كان الشيخ وقورا محبوبا مهيبا ، تحب الآذان سماع كلامه ، لأن كلماته تفوح منها روائح النصح والتوجيه والإرشاد والحث على اتصال الصغار بالكبار ، وكان يوصينا دائما بأخذ العلم عن المشايخ الكبار ، ولا يزال الشيخ يتمتع بموفور الصحة والعافية ، ولكن بعد انتقاله للرياض قل التواصل بالجسد واللقاء ، ولكن لم ينقطع التواصل بالتوجيه والدعاء ، فهؤلاء الأربعة لهم الفضل بعد الله تعالى في محبتي للعلم ، وفي محبتي للتأليف والتدريس ، وفي دلالتي على خير الطرق التي أحصل بها العلم ، فإن كان ثمة من يستحق الشكر فهو هم لا أنا ، فحقهم علي وعلى أهالي الدلم أن نعرف قدرهم ، وأن ننزلهم منازلهم ، وأن نحث الناس على حضور حلقاتهم ، ومن باب الاعتراف بالجميل سطرت هذه الكلمات التي لا أرجو بها عزا ولا جاها عند أحد ،وإنما هو اعتراف بالجميل لأهل الفضل ، فأسأل الله تعالى أن يغفر لهم ، وأن يرفع قدرهم ، وأن يعلي نزلهم في الدنيا والآخرة ، وأن ينفعنا بعلمهم ، وأن يحييهم حياة طيبة ، وأن يجمعنا بهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، جزاهم الله تعالى خير الجزاء على تفقهينا وتعليمنا وتوجيهنا وإرشادنا ، اللهم ارفع نزلهم في الجنة واجعل قبورهم روضة من رياض الجنة واحشرهم في زمرة نبيك وآله وصحبه ، ومهما قلت ودعوت فالفضل أكبر ، والمنة أعظم ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ، ومن لا يعرف الفضل لأهل الفضل فما أنصف ، والاعتراف بالجميل لأهله يحبه الله تعالى ، واحترام الصغار للكبار منهج شرعي وأدب مرعي ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا ، قاله وليد بن راشد بن سعيدان .....
التعليقات