كذبت عليها أيها الفاجر

 

كذبت عليها أيها الفاجر


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين وبعد :ــ لقد قرر أهل السنة رحمهم الله تعالى عقيدة الأمة في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ونحن نلخصها لك في عدة أمور , الأول :- أننا نحبهم ، فمحبة الصحابة فرض واجب على كل أحد ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، الثاني :- أننا لا نفرط في حب أحد منهم ، فلا نغلو في حب أحد منهم كما فعل الروافض مع آل البيت ، ولا نهمل في حب أحد منهم كما فعل النواصب الذين جاهروا الصحابة بالعداوة والبغضاء واستحلال الدم ، الثالث :- أننا نبغض في الله تعالى من أبغضهم ، فنحن نبغض الخوارج لأنهم أبغضوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبغض الرافضة لأنهم كفروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جاهروهم باللعن والقدح واتهموهم بما يعلم الله تعالى أنهم منه براء ، الرابع :- أننا نعتقد أنهم كلهم عدول ثقات أثبات ، لا تبحث عن عدالتهم ، ولا ينظر هل هم ثقات أو لا ، بل كلهم ثقات ، وكلهم عدول ، وكلهم أثبات ، الخامس :- أننا نترضى عنهم عند ذكرهم ، سواء ذكر الجميع أو ذكر الواحد ، فالترضي عنهم منهج التعامل الصحيح مع صحابة رسول الله عليه وسلم ، السادس :- أننا نعتقد أنهم خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، فلا كان ولا يكون في الناس مثلهم أبدا ، السابع :- أننا نؤمن بما ورد لهم من الفضائل ، سواء منها الفضائل الواردة في مدح جميعهم ، أو الفضائل الواردة في مدح الواحد منهم ، فما ورد للصحابة من فضل فالواجب الإيمان به واعتقاد ثبوت مدلوله ، الثامن :- الاعتقاد الجازم القطعي أنهم ماتوا على الإيمان ، بخلاف قول الرافضة الملعونة أنهم ارتدوا بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا نفرا يسيرا ، وهذا من الزور والكذب ، بل هو عين الإفك والبهتان ، ولا نقول فيه إلا " سبحانك هذا بهتان عظيم " بل القاعدة المعمول بها عند أهل السنة رحمهم الله تعالى هي أن كل من أثنى الله عليه بالمدح أو بالذم في القرآن ، فإنه سيموت على وفق ما أثني به عليه ، التاسع:- التعبد لله تعالى بنشر فضائلهم في الأمة ، والإشادة بها ، وتدريسها للعامة ، العاشر :- الاعتراف لهم بسبقهم إلى الإسلام ، وأنها المزية التي لا يشاركهم فيها أحد ممن جاء بعدهم ، الحادي عشر :- البراءة لله تعالى من الطرق البدعية الجائرة الظالمة التي خالفت هذا المسلك ، كطريقة النواصب ، وطريقة الروافض ، فإنهما طريقان فاسدان فاجران بعيدان عن الحق والهدى ، ومجانبان للأدب والصراط المستقيم ، الثاني عشر :- الإمساك عما شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الفتنة وأمر القتال ، فلا نخوض فيه ، ولا نعمل ألسنتنا فيه ، مع الاعتقاد الجازم أن غالب المنقول عنهم فيه مما لا يليق بهم إنما هو من الكذب والبهتان ، والمرويات الواهية الضعيفة والنقولات المنكرة الموضوعة ، الثالث عشر :- أن نعتقد الاعتقاد الجازم أنهم فيما جرى بينهم مجتهدون ، فيهم المصيب وفيهم المخطئ ، فالمصيب له أجران ، والمخطئ له أجر واحد ، فهذا مجمل ما قرره أهل السنة رحمهم الله تعالى مما يجب اعتقاده في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
وبعد ذلك نقول :ــ لقد تجرأ كلب من كلاب الرافضة على سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها علنا أمام وسائل الإعلام ، في مؤتمر أقامه للنيل منها ، ألا فلعنه الله وأخزاه ، ثم أخرس لسانه ومزقه وجعله عبرة للمعتبرين ، وإنه بفعلته هذه مرتد تجب استتابته فإن تاب وإلا قتل ملعونا مرتدا لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين ، كرم الله المسلمين أن يدفن بينهم هذا الكلب ، بل يحفر له حفرة في أقصى الأرض ويرمى فيها مهانا مذموما مدحورا ، سبحان الله ، فقد سلم منه العاهرات والبغايا ، ولم تسلم منه العفيفة الطاهرة النقية التقية حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المبرأة من فوق سبع سموات ، والله لقد كذب فيما قال ، سبحان الله ، إنه لبهتان عظيم وإفك مبين ، بل هو الذي لا بد وأن يبحث عن اتصال نسبه ، فلعل سند نسبه منقطع أو معضل تالف ، فإن الرافضة يجيزون المتعة التي هي في الحقيقة زنا ، لأنها من الأنكحة المحرمة في الإسلام ، ولا ندري أهو من نتاجها أم لا ، وأما ابنة الصديق فإنها أكبر وأعلى وأفخم من أن يلوكها لسانك أيها الخنزير ، فهي عندنا أهل الإسلام تقية بريئة مما رماها به أهل الإفك ، وقد أجمع العلماء على كفر من نسبها لما برأها الله تعالى منه ، تالله ، إن العين لتدمع والقلب ليحزن ويتفطر على مثل تلك الاتهامات في امرأة هي من أطهر نساء العالمين عرضا وأعلاها نسبا ، فضلا عن مالها في قلب رسول الله عليه وسلم من المحبة الكبيرة والمنزلة العالية ، هي وأبوها الصديق رضي الله عنهما وأرضاهما ، فأرواحنا عنها فدى ، هي أمنا وإن رغمت أيها الخنزير ، وهي البريئة وإن زمجرت أيها الحمار التافه ، وإن براءتها في سورة النور لأكبر دليل على أنك كاذب دجال أفاك مبين ، ولكن من لم يجعل الله له نورا فما له من نور ، وإن الواجب على الدول الإسلامية أن يوقفوا هذا الأفاك المبين عند حده ، وأن يقيموا حكم الله تعالى فيه ، وإننا لنخشى العقوبة من الله تعالى على السكوت على مثل هذا ، ولا حق لأحد أن يجيز مثل هذا الطرح بحجة الحوار واحترام الآخر ، لا والله ، بل الواجب على من له القدرة أن يستتيبه فإن تاب وإلا قتل ، ولعل الله تعالى أن يفرح قلوبنا ويشفي صدورنا منه بعقوبته العاجلة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، فأسأل الله تعالى أن يخرس لسانه وأن يشل أركانه ، وأن يخزيه ، وأن يرينا فيه عجائب قدرته ، وشدة بأسه التي لا ترد عن القوم المجرمين ، وأسأله جل وعلا أن يعجل له العقوبة التي تقر عيوننا فيه وفي أمثاله من أهل الخرافة والدجل والإفك ، إنه القوي العزيز ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، قال أهل السنة في الأمور الموجبة للردة والكفر ( ومن ذلك سب عائشة رضي الله عنها بما برأها الله جل وعلا منه ، فهذا كفر بلا شك ، ومن يشك في كفره فهو كافر لأنه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام براءتها من ذلك بالكتاب والسنة ، فحقيقة قوله تكذيب الكتاب والسنة ، وفاعل ذلك لا شك في كفره نعوذ بالله من أن تتفوه ألسنتنا بشيء من ذلك ) وقالوا رحمهم الله تعالى (من رمى عائشة بما برأها الله منه أو أنكر صحبة أبي بكر ، أو إسلام العشرة ، أو إسلام جميع الصحابة ، أو كفر الأربعة ، أو واحدا منهم ، كفر ) وقال القاضي أبو يعلي ( من قذف عائشة رضي الله عنها بما براها الله منه كفر بلا خلاف ) . وقد حكي الإجماع على هذا غير واحد من الأئمة لهذا الحكم ، وقال مالك رحمه الله تعالى (من سب أبا بكر جلد ، ومن سب عائشة قتل . قيل له : لم ؟ قال : من رماها فقد خالف القرآن ) قلت :ــ ونحن حكمنا بكفره لأن سبها ورميها بالفاحشة تكذيب للقرآن الذي نزل ببراءتها ، وقد أجمع أهل العلم على أن من كذب شيئا من أخبار القرآن فإنه كافر ، ولأن فيه إيذاء وتنقيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى{الخبيثات للخبيثين} قال (أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة ، لأنه أطيب من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعا ولا قدرا ) بل والقول الصحيح أن من قذف واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم فهو في الحكم كمن قذف عائشة رضي الله عنها ، فهو مرتد كافر ، قال في كشاف القناع (قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه كفر بلا خلاف لأنه مكذب لنص الكتاب ومن سب غيرها من أزواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان: أحدهما: أنه كسب واحد من الصحابة لعدم نص خاص.والثاني: وهو الصحيح أنه كقذف عائشة رضي الله عنها لقدحه فيه صلى الله عليه وسلم ) ولكن الحال كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في مواضع كثيرة من كتبه أن أكثر الناس نفاقاً في هذه الأمة وردة هم الرافضة ؛ لأنهم يبتدعون بدعاً تجعلهم يصلون إلى النفاق بسرعة ، وقال ابن قدامة في اللمعة (ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء أفضلهم خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم ) وقال ابن أبي موسى رحمه الله تعالى (ومن سب السلف من الروافض فليس بكفؤ ولا يُزوج، ومن رمى عائشة رضي اللهُ عنها بما برأها اللهُ منه فقد مَرَقَ من الدِّين، ولم ينعقد له نكاح على مسلمة، إلا أن يتوب ويظهر توبتَهُ ) وقال الطحاوي رحمه الله تعالى (ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرّيّاته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق) وقال ابن العربي رحمه الله تعالى ( كل من سب عائشة - رضي الله عنها - بما برأها الله منه فهو مكذب لله، ومن كذب الله، فهو كافر، وهذا قول مالك، وهو أمر واضح لأهل البصائر ) وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: (سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل ابن إسحاق: أُتي أمير المؤمنين بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة، والآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم عائشة، وترك الآخر، فقال إسماعيل، ما حكمهما إلا أن يقتلا؛ لأن الذي شتم عائشة رد القرآن) وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم، من أهل البيت وغيرهم ، وقال أبو السائب القاضي: كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي، وكان بحضرته رجل، فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام، اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه وأنا حاضر ) رواه اللالكائي ، (وروى عن محمد بن زيد، أخي الحسن بن زيد، أنه قدم عليه رجل من العراق، فذكر عائشة بسوء، فقام إليه بعمود فضرب به دماغه فقتله، فقيل له: هذا من شيعتنا، ومن بني الآباء، فقال: هذا سَمّى جدي - يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرنان . ومن سمى جدي: قرنان، استحق القتل، فقتله ) وبالجملة فقد عدَّ أهل العلم ذلك زندقة وقرروا أنه لا يبسط لسانه في الصحابة بالسوء إلا من ساءت طويته في النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والإسلام والمسلمين ، فهم باتفاق أهل السنة خير الناس للناس وأفضل تابع لخير متبوع وهم الذين فتحوا البلاد بالسنان والقلوب بالإيمان ، ولم يعرف التاريخ البشري منذ بدايته تاريخاً أعظم من تاريخهم ولا رجالاً دون الأنبياء أفضل منهم ولا أشجع ، ومن داخله شك في هذا فلينظر في سيرهم على ضوء الأحاديث الصحيحة والآثار الثابتة يرى أمراً هائلاً من حال القوم وعظيم ما آتاهم الله من الإيمان والحكمة والشجاعة والقوة ، وحين ضن غيرهم بالنفس والمال واستثقلوا مفارقة الأهل والولدان استرخصوها في إقامة الدين وتمكين الأمم والشعوب من العيش في أمن ورغد تحت حكم الإسلام فلا كان ولا يكون مثلهم فهم غيض العداء وأهل الولاء والبراء وأنصار الدين ووزراء رسول رب العالمين .
وقد اصطفاهم الله لصحبة نبيه ونشر دينه فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام ، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر وتحطمت شعائر الإلحاد وذلت رقاب الجبابرة والطغاة ودانت لهم الممالك ، ألا فلعنة الله على الظالمين ، ولا نقول إلا كما قال حسان رضي الله عنه :ــ

فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .... قاله كاتبه الفقير إلى عفو ربه وليد بن راشد السعيدان

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان