إنها النذر |
إنها النذر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:ــ لقد قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} فهذا بيان من الله تعالى أن ما يظهر في الأرض من الفساد أيا كان نوعه ، سواء أكان بصورة زلزال مدمر أو بركان مفجر متفحم ، أو بصورة فيضان هائل ، أو بصورة أمطار ذات آثار مدمرة ، وسيول جارفة ، أو غبار خانق ، أو غلاء أسعار لا يطاق ، أو نفوق في البهائم وموت عام فيها ، أو حروب طاحنة تأكل الأخضر واليابس ، أو صناعات حربية تقتل النفوس وتهلك الحرث والنسل ، أو إعصارات تجتث ما أمامها ، وغير ذلك من صور الفساد والهلاك والدمار ، إنما هو بسبب ما اكتسبته أيدينا من الذنوب والمعاصي ، وإنها لنذر من الله تعالى حتى يتوب من كتبت له السعادة ، فهل من معتبر ؟ وهل من مزدجر ، إن المسلم لا ينبغي له أن تمر عليه تلك النذر المتتابعة والبلايا المتلاحقة هكذا من غير اعتبار أو تأمل في حاله أو تأمل في مصيره ، فانظر إلى حولك نظرة عابرة وما أحدثه الناس في الأرض من المنكرات والمعاصي ، صور الشرك قد ظهرت ، وانتشرت وصارت من المقررات في كثير من البلاد ، والبدع قد تطاير شررها وصارت من المعروف الذي لا ينكره إلا جاهل أو وهابي ، وبنوك الربا قد طاولت منارات المساجد ، وظهر التعامل به ، وترك الصلوات والتساهل في الجماعات قد كثر مع قله المنكرين ، وترك الحكم بالكتاب والسنة في كثير من الدول واستبدل بقوانين الشرق والغرب ، وأوذي عباد الله الصالحين من العلماء والدعاة في السجون والمعتقلات ، وانتهكت حرمات الأقصى على مرأى المسلمين ومسامعهم ، وانتشر الظلم والفساد في كثير من بقاع الأرض ، واتهم دين الله تعالى بالإرهاب ووصف بالأوصاف المستهجنة القبيحة ، ولا مدافع إلا القليل ، ولو ذهبنا نعدد البلايا والمنكرات لما وسعنا المقام ، ولكن مع هذه النذر التي تترى علينا في الليل والنهار هل نحدث لله تعالى توبة ، هل تكون تلك النذر سببا في تصحيح السير إلى الله تعالى وترك الذنوب والمنكرات ، إنها نذر كبيرة خطيرة ، إن لم ترتدع بسببها القلوب وتتوب إلى علام الغيوب وتترك ما هي فيه من الغي والبعد عن الله تعالى فإنها عن قريب هالكة ، فالله الله أيها الأحبة بالتوبة الصادقة ، الله الله أيها الأحبة بالأوبة العاجلة إلى الله تعالى ، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة ، والتوبة لا يتعاظمها ذنب ، وهي وظيفة العمر ، {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} ، فإنه لا مخرج للعالم من هذه النكبات ، ولا مخلص لأهل الأرض من هذه البلايا إلا بالرجوع إلى الإسلام ، والالتزام بالكتاب والسنة والعض عليهما بالنواجذ ، وترك محدثات الأمور ومجانبة المعاصي والآثام ، فالله الله يا أهل الأرض بالتوبة إلى الله تعالى ، حتى ترجع للأرض بركتها برضا الله تعالى على أهلها ، براكين من حولنا ، وزلازل من بيننا ، فإلى متى الغفلة عن الله تعالى ، وإلى متى البعد عنه جل وعلا ، فهلم أيها الناس إلى قوافل العائدين إلى الله ، ولنتب إليه ، ولنصحح السير إليه ، فإن الله تعالى يتوب على من تاب ، نسأل الله تعالى أن يحفظنا وبلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وبلاء وشر وفتنة ، وأن يوفقنا وإخواننا للتوبة العاجلة النصوح ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ولا وحول ولا قولة إلا بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ... |