تنبيهات لأهل الفتوى

 

تنبيهات لأهل الفتوى


 

الحمد لله وبعد :ــ 
فهذه جمل من التنبيهات التي لا بد أن يراعيها المفتي حال فتياه ، والتي أوجب الإخلال بها وجود ثغرات دخل منها أهل الباطل على أهل الحق ، لا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه التشويش على أهل الفتوى ، وكثر فيه تلمس العثرات على أهل الدين ، وهي كما يلي :ــ
1) الاهتمام بفهم السؤال الفهم الكامل ، وتصوره التصور التام .
2) الحرص على تفهم جوانب الإشكال في السؤال إن كان هناك جوانب إشكال، فإن تلك الجوانب لا بد من فهمها وتصورها أيضا ، لأن الحكم ربما يختلف لو بانت معالمها واتضحت مراسمها للمفتي .
3) لا بد من مراعاة المصالح والمفاسد في الفتوى ، فالفتوى التي لا يكون فيها إلا المفسدة الخالصة أو الراجحة فلا يجوز للمفتي الانسياق وراء السائل فيها ، ويبقى جانب الإفتاء فيما تتحقق منه المصالح الخالصة أو الراجحة .
4) تفصيل الفتوى ، وبيان المراد بالدليل ، مع بيان وجه الاستدلال به ، وتوضيح الجوانب التي لا تدخل في الفتوى ، وتحرير الفتوى تحريرا لا مزيد عليه ، بحيث لا يستطيع أهل الباطل أن يجدوا ثغرات يلجون منها إلى الفتوى .
5) تقديم الفتوى بقول ( إن كان الحال كما ذكر ) وهذا من باب براءة الذمة ، لأن بعض المستفتين يترك من جوانب السؤال ما لو بان للمفتي لتغيرت الفتوى ، ثم هو لا ينقل إلا ما يريد من كلام المفتي .
6) عدم الاستعجال في الفتوى إن غلب على ظن المفتي أن السائل لا يريد بالفتوى إلا المعارضة لكلام مفت آخر .
7) ترك الإجابة عن الأسئلة التي لا يراد منها إلا ضرب كلام أهل العلم بعضه ببعض ، أو الأسئلة التي لا طائل من وراء الإجابة عليها إلا القدح والتثريب على مفت آخر .
8) الحرص في الفتوى العامة التي يتعلق بها مصير الأمة أن ترد إلى الجهات الرسمية المعتمدة في الفتوى حتى يقول فيها أهل العلم الراسخون كلمتهم ، وأن لا تنبثق تلك الفتاوى من آحاد الناس ، وهي يتعلق بها مصير أمة .
9) أن المفتي لا بد وأن يستوثق من المستفتي ، إن كانت الفتوى تتعلق بالغير ، وله أن يحلفه إن احتاج الأمر إلى زيادة تأكيد ، فكم من الفتاوى التي تصدر من المفتي على الغير وبعد التأكد نجد أن السائل لم ينقل الصورة عنه كما هي الحال التي وقعت عليها ، أو كان السائل قد كذب في بعض الجوانب .
10) الفتوى دين ، والكلمة أمانة ، فلا يجوز للناس أن يسألوا من هب ودب ، فإن العلم دين ، فلا بد وأن يحتاط المسلم لدينه في سؤال أهل العلم الموثوق بأمانتهم وعلمهم وخبرتهم في مجال الفتوى .
11) لا داعي للتصريح بالأسماء في الاستفتاء والفتوى إن كان لا يتعلق بها شيء من الحكم الشرعي المراد بيانه ، من باب الستر على الأشخاص .
12) الإفتاء توقيع عن الله تعالى ، فليتق الله تعالى من يتكلم في الفتوى بلا علم ، والأدلة على تحريم القول على الله تعالى بلا علم كثيرة جدا .
13) الفتوى عن طريق البرامج التلفزيونية أو الإذاعات المسموعة لا بد وأن يحتاط فيه ، فعلى المذيع أن يمكن السائل من توضيح جميع جوانب السؤال ، وأن يمكن المفتي من بيان الحكم الشرعي بحذافيره ، ولا يكون وقت البرنامج سببا في إسكات السائل أو إسكات المفتي .
14) على المفتي أن يعيد الحكم مرة ومرتين إن غلب على ظنه أن السائل لم يفهم الجواب ، ولذلك فلو أن المفتي طلب إعادة الجواب أحيانا من المستفتي ليتبين للمفتي هل السائل فهم الجواب على وجهه الصحيح أو لا ، لكان حسنا ، وقد جربناه فوجدناه نافعا جدا ، وكم صححنا بهذا الأمر كثيرا من المفاهيم والتصورات الخاطئة التي فهمها بعض الناس من كلامنا .
15) الحرص على اجتناب الكلام المجمل المحتمل في الفتوى ، فكلما كان الكلام في الفتوى لا يحتمل إلا وجها واحدا ومعنى واحدا كلما كانت الفتوى أضبط وأبعد عن المداخلات الباردة التي نحن في غنى عنها .
16) لا بأس من زجر السائل إن بان للمفتي بالقرينة الظاهرة أنه لا يريد باستفتائه وجه الحق ، وإنما لا يريد به إلا ضرب الكلام بعضه ببعض . وهذا له وجه عند السلف وفيه صور كثيرة .
17) عدم إقحام السائل في ألفاظ هو لا يعرفها ، ولا يفقهها ، كبعض المصطلحات العلمية التي لا يفهمها إلا أهل العلم فيما بينهم ، فإن أغلب السائلين من العوام الذين لا بد وأن يختار لهم العبارات الواضحة المفهومة ، لأننا نسمع بعض الفتاوى تحمل بين طياتها ألفاظا نحن نجزم أن السائل لم يفهمها ، فتحديث الناس بما يعرفون من الأمور التي أوصى بها الشرع المطهر ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، فهذه بعض الملاحظات التي أحببت أن أنبه عليها إخواني ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد ......... محبكم وليدبن راشد السعيدان

 
جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان