هم العلماء وإن أبى أهل الباطل

 

هم العلماء وإن أبى أهل الباطل


 


الحمد لله وبعد :ــ فإن العلماء هم أعلام الهدى ونجوم الدجى ، وورثة الأنبياء ، ودعاة الخير ، وحماة الدين ، وأمنة الأمة ، ووجودهم وكثرتهم من علامات الخير التوفيق والبركة والعصمة ، فلا تزال الأمة بخير ما عظمت علماءها وعرفت لهم قدرهم ومكانتهم ، فكم لهم من الأثار الطيبة المشهورة ، والمواقف العظيمة المأثورة ، فما أجمل أثرهم على الأمة في تعلميهم وبيان الحق لهم مشافهة وتأليفا ، فإكرامهم واحترامهم إنما هو إكرام واحترام للعلم الذي يحملونه في قلوبهم ، وإذلالهم وإهانتهم إنما هو نذير شر بالبوار والخيبة والخسارة ، والعلماء هم أهل العزة لما يحملونه في قلوبهم من علم الكتاب والسنة ، وشرفهم ليس مربوطا بمنصب أو وظيفة أو حسب أو نسب أو مال ، بل شرفهم مربوط بقول الحق والصدع به والتزامهم بمنهج الأنبياء في العلم والتعليم والعمل والدعوة ، فالمناصب هي التي تشرف بالعلماء لا العكس ، والبلاد هي التي تفخر بالعلماء لا العكس ، وهم الميزان في معرفة ما عليه العامة من الأحوال لا العكس ، وهم أهل الفتوى في العامة وأمورهم لا العكس ، ولا خير في عبد لا يعرف لهم قدرهم ومنزلتهم ، ولا خير في لسان طعن في أمانتهم وديانتهم وسعى جاهدا في تشويه صورتهم ، ألا فأخرس الله لسانا تنقصهم ونال من مكانتهم ، ألا فأهلك الله من سعى في تخريب بنيان الأمة بالنيل من علمائها ، ألا فأعمى الله عينا لا تنظر لهم بنظرة التقدير والاحترام ، فإن القدح فيهم قدح في الدين ، والقدح في الدين هو أساس الهلاك والعطب ، فيجب على الجميع بغير استثناء احترام العلماء ، والدفاع عنهم ، والذب عن حياضهم ، والوقوف في وجه من يتفوه بالقبيح في جنابهم الكريم ، اللهم اغفر لأهل العلم ، واجزهم عنا خير الجزاء وبارك لنا في علمهم ، واجعلنا ممن يعرف لهم حقهم ، اللهم من أرادهم بالسوء فعليك به ، وأرنا فيه ما تشفي به صدور قوم مؤمنين ، اللهم من مات منهم فاجعل قبره عليه روضة من رياض الجنة ، ومن كان حيا منهم فمتعه بالصحة والعافية ، ووفقه لقول الحق والعمل به والثبات عليه ، اللهم اكفهم شر الأشرار وكيد الفجار ، فالله الله فيهم أيها الأحباب ، فوصيتي للأمة كلها بأن تقيم الوزن الكبير للعلماء ، وأن تدافع عنهم ، فالدفاع عنهم دفاع عن الدين والشرع الذي يحملونه ، ولنعلم جميعا أن العالم لا بد وأن يبتلى ، ولا بد وأن ينال منه ، وهذه سنة الله تعالى الكونية في الصراع بين الحق والباطل ، فعلى العالم إن حصل له الابتلاء أن يصبر وأن يحتسب الأجر ، وعلى من حوله من الناس أن يدافعوا عنه بالمقدور عليه ، والله هو ناصرهم وهو مولاهم ، فنعم المولى ونعم النصير ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

 

جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان