القاعدة الرابعة :- كل دعوة بنيت على غير إرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة ونفع الناس فهي رد . |
القاعدة الرابعة :- كل دعوة بنيت على غير إرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة ونفع الناس فهي رد . أقول :- اعلم بارك الله تعالى فيك أن الدعوة إلى الله تعالى من أجل العبادات ومن أكبر الطاعات فالداعية إلى الله تعالى يتعبد لله تعالى بهذه الدعوة ، وحيث كانت الدعوة عبادة ، فلا بد من تطبيق شروط صحة العبادة عليها ، وقد تقرر عند أهل العلم رحمهم الله تعالى أن العبادة لا تصح إلا إن كانت خالصة لوجه الله تعالى وتوبع فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإخلاص شرط قبول الدعوة ، فلا يجوز للداعية أن يكون لدعوته مقاصد أخرى إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة ، فلا يدعو إلا إلى الله تعالى وما يقرب إليه من القول والعمل ، قال تعالى ]قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي[ فقوله { إلى الله } دليل على أنه لا يريد بدعوته حطاما زائلا ولا عزا ولا جاها ولا متاعا فانيا من متاع الحياة الدنيا ، ودليل على أنه دعوته محصورة فيما يكون مقربا لله تعالى من الأقوال والأعمال وهذا هو دأب الأنبياء جميعا ، فإنهم يقولونها بأعلى أصواتهم ] وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [ فالداعية إلى الله تعالى لا ينبغي أن تنطوي نفسه في دعوته على مقاصد خارجة عن ذلك ، أي عن إرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة ، فلا يرجو بدعوته مناصب ولا مال ولا شيئا من الأمور التافهة الدنيوية ، فإن الداعية أسمى وأرفع وأعلى من أن ينحط إلى تلك المقاصد التافهة السخيفة القذرة ، وإن من أعظم الفساد على الدعاة إلى الله تعالى أن يدخل في قلوبهم أمر من أمور الدنيا على حساب دعوتهم ، فالدعوة عبادة ، والعبادة لا تصح ولا تقبل إلا إن كانت خالصة لوجه الله تعالى وقال تعالى ] فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [ والدعوة من الدين ، وقال تعالى ] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [ وقال عليه الصلاة والسلام " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ... الحديث " متفق عليه ، فما يقال في الهجرة يقال في الدعوة وفي غيرها من أمور الدين ، فاحذر أخي الداعية بارك الله تعالى فيك ، واحفظ قلبك من السعي وراء المرادات النفسية الخفية والشهوات الباطنية ، فإن من الدعاة من سخر دعوته لتحقيق ما يريده هو ، لا ما يريده الشرع وما يريده هواه هو لا ما يريده مولاه جل وعلا ، فصارت الدعوة عند بعض الدعاة - وهم قلة - سلما يتوصل به إلى مقاصده ومراداته فقط ، من منصب أو مال أو جاه أو مدح أو ثناء من الناس ، ونعوذ بالله تعالى من هذه التوافه ، نعم ، نحن لا نزكي أنفسنا من ذلك ، ولكننا لا بد وأن نحذر منها إخواننا الدعاة ، حتى وإن كان فينا شوب منها ، وقولنا في القاعدة (فهي رد) أي أنها لا تقبل عند الله تعالى لتخلف شرط قبولها ، وهو الإخلاص ، وليت الأمر يقف عند ردها فقط ، بل الأمر أكبر وأخطر من ذلك ، وهو أن صاحب هذه الدعوة ينطبق عليه ما ورد في الأدلة من الوعيد الشديد على من أوقع العبادة على وجه التسميع والرياء ، والوعيد الشديد لمن لم يرد بعمله إلا الدنيا ، قال تعالى ] مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [ فالدعوة لا بد وأن تكون صافية من كل هذه الشوائب القذرة والمقاصد العفنة المنتنة ، وذلك لا يكون إلا بتحقيق الإخلاص فيها ، فلا يكون قصد الداعية إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة ، ونفع الناس بالمقدور عليه من العلم والمال والجاه, ودلالة الناس على الخير ومحبة الهدى لهم ، والتعاون معهم على البر والتقوى ، ودلالاتهم على ما فيه نفعهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، مع الصبر الجميل والرحمة الكاملة والشفقة الإيمانية النابعة من أخوة الدين والإيمان ، والله تعالى لا يخفى عليه النوايا ولا يخفى عليه شيء مما تكنه الصدور وتوسوس به النفوس فالناس ما لهم منك إلا الظاهر ، وأما الله تعالى فهو الذي يعلم السر وأخفى ، فالحذر الحذر من أن يعلم الله تعالى من قلبك في دعوتك مطلوبا غير وجهه والدار الآخرة ، والله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا صوابا ، والخالص ما كان لله ، والصواب ما كان على السنة ، وعلى ذلك عدة فروع:- منها :- مما يخاف على الداعية منه بساط الأمراء ، فإن من وطئ هذا البساط فلا بد وأن تصيبه الفتنة لا سيما مع قوة الأمير وضعف جانب الداعية ، وكم من المجاملات التي حصلت من العالم للأمير خوفا منه وطمعا فيما عنده ، فمن وقف عند أبواب السلطان افتتن ، ولذلك فقد كان المنهج العام عند سلف الأمة وأئمتها هو الحذر من الدخول على السلاطين وأمراء الزمان إلا ناصحا أو شافعا أو موصلا حاجة الغير له ممن لا يستطيع إيصال حاجته للسلطان ، وأما التبسط معهم والسمر معهم فهذا لا يعرف عن السلف في الجملة ، وإن كان بعض آحاد السلف قد يثبت عنه ذلك ، ولكن السمة العامة لهم رحمهم الله تعالى هو ما قلته لك ، من الحذر الشديد من الوقوف عند أبواب السلاطين ، ولا يعني هذا أن نقلل من هيبة سلطان الله تعالى في الأرض أو الحط من رتبته التي جعلها الله تعالى له ، أو التأليب على الحاكم أو التقليل من أهميته ، لا والله العظيم ، وألف لا ، ومن فهم من طريقة أهل السنة هذا الأمر فهو كالحمار في فهمه ، بل هم قرروا هذا من باب سد الذرائع التي لا تخفى على أحد, والتي يعرفها الجميع ، فإن العالم إن استمرأ الدخول على الحكام والتبسط معهم وقبل عطاياهم فقد يضعف عن الإنكار عليهم أو التعاون معهم على البر والتقوى في بيان الحق لهم وتصحيح الخطأ الذي يقعون فيه ، فيكون خطؤهم صوابا ، وظلمهم عدلا ، وبغيهم على عباد الله من جملة حقوقهم ، بل ولربما زين لهم في بعض الأحيان ما يقومون به من الظلم والجور والبغي في الأرض بغير الحق ، وهذا منهج قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى ، ولكن لا بد وأن ننبه على أن احترام الحكام وإنزالهم منزلتهم وتأليف القلوب عليهم وأمر الناس بطاعتهم أمر حتم على أهل العلم ، وهذا هو منهج الوسطية ، فنحن نأمر الناس بطاعة الولاة ، ونؤلف عليهم قلوب العامة ، ولا نرض طرفة عين أن يمس الحكام ولو ببنت شفة ، ولا أن ينكر عليه علانية ، ونحرم التحريم القطعي الخروج على الحكام ، ونمنع المنع التام أن يتجرأ أحد على سلطان الله تعالى في الأرض ، ونأمر الناس بالدعاء للحكام بالصلاح والمعافاة ، ولكن وفي الجانب المقابل لا ينبغي للعالم أن يدخل عليهم دخول رغب فيما عندهم ، فهذا أمر وهذا أمر ، وأهل السنة جمعوا بين الأمرين جمعا لا تعارض فيه ولا اضطراب ، فعملوا بالأول وحققوه التحقيق الكامل ، وعملوا بالأمر الثاني وحققوه التحقيق الكامل ، فلم يخلوا لا بهذا ولا بهذا ، وهذا هو منهج الوسطية المنبثق من قوله تعالى ] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [ واعلم أخي الداعية أن هذا المنهج المتقرر عند أهل السنة في حذرهم الشديد من الدخول على الحكام دخول الرغب إنما قرروه حماية للمقاصد من الخلل ، فإن الداعية لا بد وأن يكون مخلصا في دعوته ، ومع الدخول على الحكام وابتغاء رضاهم عنه بأي طريق ربما تنقلب النوايا في الدعوة - والعياذ بالله - فيحصل الخلل في تحقيق الإخلاص في الدعوة ، فلا تكون محققة المراد منها ولا تكون مؤثرة في الناس فإن الإخلاص هو بركة الدعوة ، فالدعوة بلا إخلاص لا خير فيها ، والله أعلم . ومنها :- التأليف في العلم الشرعي من أعظم أبواب الدعوة إلى الله تعالى ، ولا جرم أن بيع الكتب المؤلفة في العلم الشرعي أمر لا حرج فيه ، ولكن الذي ينبغي مراعاته هنا أن لا يكون قصد الداعية مجرد الكسب المادي في التأليف ، فإنه من الدعوة ، والدعوة لا يقبلها الله تعالى إلا بالإخلاص ، بل ليكن همه الأول وجه الله تعالى بتأليفه وتقييد المسائل العلمية ، ونفع الناس بالعلم ، وتصحيح سيرهم إلى الله تعالى ، وهنا تبرز مسألة بركة التأليف ، فإن صلاح النية واستقامة النية في تأليفها له الدور الكبير في انتفاع الناس بها ، فكم من الكتب التي باتت رهينة رفوف المكتبات لا يلتفت الناس لها لأن الخلل أصلا كان في نية تأليفها ، فلا يجوز للداعية إلى الله تعالى بتأليف الكتب النافعة أن يكون أول اهتماماته بتأليفه مقدار المكسب المادي ، فهذا أمر نربأ بالدعاة إلى الله تعالى عنه ، وعليه :- فالمغالاة في الكتب ورفع أسعارها على الطلاب مراعاة للمكسب المادي من ورائها أمر لا ينبغي للداعية إلى الله تعالى فالعلم مبذول للجميع ، وكلما كان وصوله للناس بطريق لا كلفة فيه كلما كان النفع به أعظم وأعم وكلما كان الأجر فيه من الله تعالى أكبر وأكثر ، وهناك ملمح آخر في هذه المسألة أيضا ، وهو :- أنه لا ينبغي للمؤلف أن يستكثر من التأليف للمدح والثناء عليه بكثرة التأليف ، فهذا أمر يحبط عمله لأنه من الرياء والتسميع ، بل على الداعية إلى الله تعالى بالتأليف أن لا يقصد إلا نفع الناس بما يكتب راجيا الأجر والمثوبة من الله تعالى ، فطلب المدح والثناء بالتكثر من التأليف وإرادة المال بالقصد الأول من الأمور التي لا تجوز في الدعوة إلى الله تعالى ، لأنها عبادة ، والعبادات لا يقبلها الله تعالى إلا بالإخلاص له جل وعلا ، والأمر يحتاج إلى محاسبة النفس وكثرة الدعاء وقراءة سير السلف الصالح في التعامل مع هذه المداخل الشيطانية على النفس والعقل ، والله المستعان في أول الأمر وآخره ، وهو أعلى وأعلم . ومنها :- إن تعليم العلم الشرعي من الأمور الواجبة على العالم ، ويجب عليه بذله للناس مجانا من غير معاوضة ، فلا يجوز للعالم أن يوقف التعليم على أخذ المقابل من الأجرة ، فإن هذا الأمر لا يحل في الشرع ، بل هو من كتم العلم المتوعد عليه بما أنت تعرفه ، وأخذ الأجرة على أعمال العبادة لا يجوز كما في حديث "واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا "(1) ولكن إن أعطاه ولي الأمر على تعلميه شيئا من المال من غير اشتراط فلا حرج ، كالرواتب التي يأخذها المدرسون للعلوم الشرعية ، أو العطايا من ولي الأمر على القيام بالدورات الشرعية ، هذا أمر لا حرج ، والتعفف عنه مع الاستغناء عنه أحسن وأولى وهذا لا يدخل في باب الإجارة ، بل هو من باب الرزق من بيت المال على الأعمال الدينية ، فما يأخذه أئمة المساجد والقضاة والمؤذنون والمعلمون وغيرهم ممن له منصب ديني ليس من باب الإجارة بل من باب الرزق ، وهو جائز عند أهل العلم رحمهم الله تعالى ، والمهم أن النظر في التعليم إلى المال فقط مما يقتل النية الحسنة ويفسد رونق العلم ويذهب الحياء من القلوب ومما يسلط العامة على العالم بالقدح فيه والتثريب عليه ، وهذا أمر معروف عند العامة ، والله المستعان . ومنها :- لا نجاة للعالم إن كان ذا منصب إلا أن يسخر منصبه لعلمه لا العكس ، فإن العكس هلكة وأي هلكة ، أن يسخر العلم للمنصب ، هذا والله هو الطامة الكبرى ، وقد ابتلت الأمة الإسلامية بكثير من هذه النماذج التافهة ، والتي جعلت علمها مسخرا لمناصبها ، فلا يقول من العلم إلا ما يخدم منصبه ، وأما ما يتعارض مع بقائه في منصبه فلا تراه يتعرض له في صدر ولا ورد ، بل ولربما حمله حب المنصب على الكذب في الدين والمجاملات على حساب الحق بسبب حب المنصب ، فالمنصب للعالم فتنة لا ينجو منها إلا من أراد الله تعالى به خيرا ، والسلامة منه لا يعدلها شيء ، وأعظم المناصب وأكبر الفضائل هو منصب الدعوة والتعليم والنصح والإرشاد ، فليست المناصب هي التي تشرف العالم ، بل شرف العالم والداعية إلى الله تعالى إنما هو في علمه الذي يحمله بين جنبيه ، فالعز بالعلم لا بالمنصب والعز بالطاعة وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا في المجاملات والمداهنات التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، والمناصب هي التي تشرف بالعلماء لا العكس ، والكراسي الدوارة لها الشرف هي أن يجلس عليها العالم ، لا العكس ، فلا يزال العالم في منعة وسلامة ما كان حب العلم والتعليم ونفع الناس وقصد رضا الرب جل وعلا هو المقدم في قلبه ، وهو المحبوب الأول على كل شيء ، وهو المقصود الأول في سيره إلى الله تعالى ، وأما إن تحقق العكس من ذلك فناهيك عن الفساد الذي سيكون في البلاد والعباد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فالمنصب أمانة كبيرة وحمالة ثقيلة وفتنة خطيرة لا يسلم منها إلا الموفقون ممن أراد الله تعالى بهم خيرا ، وأعني بها المناصب الدينية ، فإن الفخر بالعلم والتباهي به أعظم وأكبر من الفخر والتباهي بالمال والسلطان والجاه ، فمن سلمه الله تعالى منه فقد أراد الله تعالى به خيرا ، ولذلك فقد جعل الله تعالى للمنصب والتمكين في الأرض واجبات لا بد من القيام بها لمن أراد السلامة ، قال تعالى ] الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [ فإقام الصلاة قد يسهل ، وإيتاء الزكاة قد يسهل ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يثقل على كثير من أهل المناصب ، لا سيما إن كان المنكر صدر من بعض علية القوم حسبا ومالا وجاها وملكا ، فإن الإنكار عليهم قد يهدد المنصب بالزوال وقليل من يخاطر بمنصبه ، حتى ولو كان من أهل العلم ، إلا النوادر من الناس ، والله نعم المولى ونعم النصير ، والملك والعز بيده جل وعلا ، فمن أعزه الله تعالى فلا مهين له ، ومن أهانه وأذله فلا معز له فالعز بيده سبحانه ، لا مالك له إلا هو ، فليس العز في منصب ولا مال ولا حسب ولا جاه ولا ملك ولا سلطان ولا ولد ولا عشيرة ولا قوة ولا سلاح ، وإنما العز بيده جل وعلا ، فمن أراد له العزة فوالله العظيم لو يجتمع من بأقطارها على إذلاله لما قدروا ، ومن أراد له الذلة والمهانة فوالله العظيم لو يجتمع من بأقطارها على إيصال العزة له لما قدروا ، والله له القوة الكاملة والقدرة النافذة والمشيئة الشاملة , يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ، ويعز من يشاء ويذل من يشاء ، وهو أعلى وأعلم. والمهم الذي نريد إثباته هنا هو :- أن الدعوة من العبادات التي لا تقبل إلا بالإخلاص لله تعالى ، فعلى الداعية إلى الله تعالى محاسبة نفسه دائما ، عسى الله تعالى أن ينجينا من حظوظ نفوسنا ، ونحن لا نزكي أنفسنا ، لا والله ، بل نحن واقعون في بعض ذلك ، ولكن على العبد أن يحذر نفسه وإخوانه من هذه المزالق الشيطانية والمداخل الإبليسية ، ومع المحاسبة والتوبة والتذكير والتعاون على البر والتقوى نصل بإذن الله تعالى إلى بر النجاة والسلامة ، والله أعلى وأعلم . (1) حديث صحيح رواه مسلم رقم (468) في الصلاة ، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام ، وأبو داود رقم (531) في الصلاة ، باب أخذ الأجر على التأذين والنسائي 2 / 23 في الأذان ، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً . |