القاعدة الخامسة :- بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين . |
القاعدة الخامسة :- بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين . أقول :- هذا أمر معلوم من الدين عند أهل البصيرة بالضرورة ، كما قال تعالى ] وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون [ قال قتادة وسفيان: لما صبروا عن الدنيا: وكذلك قال الحسن بن صالح. قال سفيان: هكذا كان هؤلاء، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يُقتَدى به حتى يتحامى عن الدنيا.قال وكيع: قال سفيان: لا بد للدين من العلم، كما لا بد للجسد من الخبز ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى ( أي: لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر) فهم أئمة يقتدى بهم في الخير لما اتبعوا الشرع باطنا وظاهرا وصبروا على المتابعة وأذى الخلق في سبيل دعوتهم ، وجاهدوا في الله تعالى حق جهاده ، نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح ، فهما صفتان لا تنال الإمامة في الدين إلا بهما ، أولهما :- اليقين وهو رسوخ العلم في القلب ، وتقرره فيه التقرر الكامل بحيث لا يخالطه ريب ولا شك ولا شبهة ولا شهوة ولا مغالطة ، وهذا لا يكون إلا إن كان العلم دخل للقلب عن طريقه الصحيح ، فالعلم الصحيح هو الذي يوجب طمأنينة القلب وراحة البال ويقين الروح بصحته ، فإن العلم الشرعي المؤصل على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة نوع من ذكر الله تعالى ، فالعلم من ذكر الله تعالى ، وقد قال تعالى ]أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب[ فالعلم الصحيح هو الذي يورث اليقين في القلوب ، فأهل هذه القلوب آمنوا بما يجب الإيمان به شرعا كالإيمان بالله تعالى وبملائكته ورسله وكتبه وباليوم الآخر وبالقدر آمنوا بذلك إيمانا يقينيا خاليا من الزلل والخلل ، بل هو راسخ في القلوب أعظم من رسوخ الجبال الرواسي في الأرض ، وآمنوا يقينا بموعود الله تعالى لهم بالتمكين والنصر وتيقنوا أنه لا فلاح لهم ولا سعادة ولا نجاة إلا بمتابعة محمد صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا في الأقوال والأعمال والاعتقادات وتيقنوا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الخير كله والبر كله وأنه لا طريق للجنة إلا في الأخذ به ، كل ذلك قد آمنوا به الإيمان اليقيني القطعي ، وآمنوا بما أخبرت به الرسل عن ربها بما أعده تعالى لأهل طاعته من أصناف النعيم وألوان الثواب والخير ، وما أعده لأهل معصيته من العذاب الأليم والنكال الكبير ، فهم لا يأخذون العلم إلا من الكتاب والسنة ، أي من الأدلة المفيدة لليقين والقطع فلا يبنون علمهم على عقل ولا على رأي ولا على شبهة ولا شهوة ، فأول درجات الإمامة في الدين صحة العلم ، ورسوخه في القلب ، وبناء عليه :- فأهل البدع على متلف أصنافهم وتنوع بدعتهم ليسوا بأئمة في الدين ، لأن العلم الذي معهم لم يبن على الدليل والهدى ، وإنما بني على الخرافة والهوى ، بل إن الواحد منهم يشك فيما معه من العلم مما حصله من تلك القواعد المنطقية الفاسدة نقلا وعقلا وأنت تعرف ما نقله أهل العلم عن الغزالي والجويني والرازي والشهرستاني وغيرهم ممن بلغ في علم المنطق المبلغ الكبير ، فكيف كانت حالهم مع تلك العلوم التي أفنوا فيها حياتهم ، وقطعوا في تحصيلها زهرة أعمارهم ؟ كيف كانت حالهم معها ؟ لا جرم أنهم كانوا في شك عظيم مما يحملونه من العلم بين جنبات صدورهم ، بل قال أهل العلم :- أكثر الناس شكا عند الموت هم أهل الكلام المذموم ، أي الذين تعلموا العقيدة على مذاهب الفلاسفة ، فأين اليقين من هؤلاء المساكين ، فلا يقين إلا بالعلم الصحيح المتفق مع الكتاب والسنة ويكون على فهم سلف الأمة ، فأهل الإمامة في الدين هم أهل العلم الصحيح ، المبني على الأدلة المفيدة لليقين ، فاليقين أمر كبير لا يستطيع القلم الحسير أن يستجمع أطرافه ، قال تعالى ] أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء [ قال ابن القيم رحمه الله تعالى (وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق ويقتضيه علم الذي تكلم به سبحانه وحكمته فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به فعروقها العلم والمعرفة واليقين وساقها الإخلاص وفروعها الأعمال وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضى فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم والإخلاص قائم في القلب والأعمال موافقة للأمر والهدى والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء وإذا كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ومنها أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا انقطع عنها السقي أوشك أن تيبس فهكذا شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعمل النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس) وقال رحمه الله تعالى (فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين ولا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه واضطرابه وقلقه من شكه والقرآن هو المحصل لليقين الدافع للشكوك والظنون والأوهام فلا تطمئن قلوب المؤمنين إلا به) وقال رحمه الله تعالى (وإذا تزوج الصبر باليقين: ولد بينهما حصول الإمامة في الدين ) فاليقين هو العاصم بإذن الله تعالى من الشبهات ، كما أن الصبر هو العاصم بإذن الله تعالى من الشهوات ،كما أفاده ابن تيمية رحمه الله تعالى في الاقتضاء ، واليقين لا يكون في القلب إلا بعد الجهد والمجاهدة والصبر والمثابرة ، واليقين نفسه مراتب ثلاث :- عين اليقين وعلم اليقين وحق اليقين ، وأضرب لك مثلا :- لو أخبرك الجمع الغفير أن في هذا الوادي ماء ، فإنه سيتقرر في قلبك صحة كلامهم ، ويكون عندك علم اليقين ، أي علما يقينيا بأن في هذا الوادي ماء ولكن هل يقينك هذا سيكون كما لو رأيت أنت بعينك هذا الماء ؟ والجواب ، بالطبع لا ، بل سيرتفع اليقين عندك ، وهذا هو عين اليقين ، وكيف سيكون يقينك إن شربت منه ؟ لا جرم أنه سيكون أعلى وأرفع ، فالأولى علم اليقين ، والثانية عين اليقين والثالثة حق اليقين ، وقد قال تعالى ]وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ[ وقال تعالى ] كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ئُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ [ فالعلم بأن الجنة والنار موجودة ، يقال له :- علم اليقين ، ورؤيتهما يوم القيامة يقال لها :- عين اليقين ، ودخولهما والتنعم بنعيم هذه والتعذيب بتلك يقال له :- حق اليقين ، وأضرب لك مثالا آخر :- وهو أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان مؤمنا الإيمان القطعي الجازم بأن الله تعالى يحيي الموتى ، ولا جرم أنه لم يكن شاكا في سؤاله لما قال ] رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى [ بل نحن أولى بالشك من إبراهيم ، لكنه لم يكن شاكا أصلا ، ولكن العلم بأن الله تعالى يحيي الموتى كان عند إبراهيم عليه السلام علم اليقين فقط وأراد من ربه تعالى أن يريه ذلك حتى يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين ، فقال ] رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى [ ونحن نعلم ونتيقن وجود البلد الفلانية على وجه الأرض ، ولكن سيزداد يقيننا بوجودها فيما لو رأيناها عيانا بأبصارنا ، إذاً :- فاليقين في ذاته يتفاوت ، فاليقين الذي كان عند أبي بكر رضي الله عنه ليس كاليقين الذي في قلب فلان وفلان ، ولذلك وزن إيمانه بإيمان الأمة ، لعظمة اليقين الذي وقر في قلبه ، رضي الله عنه ، وهذا اليقين له بواعث كثيرة : منها :- صحة الدليل الذي به تحصل المعلومة في القلب ، وقد قلت لك سابقا أن العلم لا يكون مثمرا لليقين في القلب إلا إن كان عن طريق الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ، ومنها :- عدم معارضته بشبهة أو شهوة ، فإن معارضة العلم الصحيح زيغ ، والزيغ يورث الزيغ ، والزيغ يطفئ نور اليقين من القلوب ، ومنها :- تعويد النفس وأمرها وإلزامها بالرضوخ والتسليم للنصوص الصحيحة الصريحة ، ومنها :- تصديق العلم بالعمل ، فإن العمل بالعلم من مورثات اليقين في القلب ، ومنها :- تصفية القلوب من الشوائب الفاسدة ، والتي تكدر صفو مشرب العلم ، ومنها :- كمال التعرف على الله تعالى بمقتضى أسمائه وصفاته ، ومنها :- التأمل والتفكر في آيات الله تعالى الكونية والشرعية ، ومنها :- السعي الحثيث في زيادة الإيمان في القلب وذلك بالحرص على تحصيل أسباب زيادته المقررة بالأدلة ، فإن زيادة الإيمان موجبة لزيادة اليقين, واليقين مورث لكمال الثبات على الحق والهدى ، ومنها :- قراءة سير السلف الصالح ، ومنها :- كثرة الدعاء به ، ومنها :- إقفال سمع الرأس والقلب عن سماع كلام أهل الباطل الذي يراد به التشكيك في الحق وإثارة الشبه والشكوك في قلوب أهل الحق ، فإن من فتح قلبه لهذه الأمور فلن يستقر في قلبه أمر ومنها:- عدم الخوض والجدال في الأمور المفصولة بالدليل ، فإن الجدل العقيم أو الجدل بالباطل أو الجدل في الحق بعدما تبين يكدر صفو اليقين من القلب ، كما هو معلوم ، والله الموفق والهادي ، وإذا تحقق اليقين في القلب فاعلم رحمك الله تعالى أن له ثمرات جليلة تفوق الحصر ، بها تحصل سعادة الدنيا والآخرة ، فمن هذه الثمرات المباركة لليقين : كمال الثقة بالله تعالى ، ومنها :- أن اليقين إذا وصل إلى قلب الإنسان؛ امتلأ قلبه نوراً وإشراقاً، وانتفى عنه أضداد ذلك من الشكوك والريب والشبهات التي تقلقه فيكون القلب مستريحاً مطمئناً، فيرتفع عنه السخط والهم والغم الذي يجلبه الشك والريب، فيمتلأ قلبه محبة لله، وخوفاً منه، ورضاً به، وشكراً له، وتوكلاً عليه، وإنابة إليه , فهو مادة جميع المقامات والحامل لها، كما قال ابن القيم رحمه الله ، ومنها :- الهدى والفلاح في الدنيا والآخرة ، ومعلوم أن الفلاح هو تحصيل المطلوب، والنجاة من المرهوب، ولهذا قال الله عز وجل عن المؤمنين ] وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ وقد جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه-مرفوعا- فيما أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان والبخاري في الأدب المفرد- قال "سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَالْمُعَافَاةَ فَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ أَفْضَلَ مِنْ الْعَافِيَةِ" قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ( لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة ، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه) ومنها :- أنه يورثه الزهد في الدنيا وقصر الأمل فلا تتعلق نفسه بها، ولا يتشبث بُحطامها، وإنما يكون زاهداً فيها؛ لأنه يعلم أنها ليست موطناً له، ولأنه يعلم أنها دار ابتلاء، وأنه فيها كالمسافر يحتاج إلى مثل زاد الراكب، ثم بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام، فهو بحاجة إلى أن يشمر إليها، وأن يعمل لها, ومنها :- الانتفاع بالآيات والبراهين الدالة على صدق الرسل ، فإن اليقين يورث التحقق والانتفاع بتلك الآيات الكونية والشرعية ، كما قال تعالى ] وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ [ فأهل اليقين هم أهل الانتفاع بالآيات الكونية ، ومنها :- الصبر ، فإن من لا يقين له فلا صبر له ، والصبر يتفاوت في القلب على حسب تفاوت اليقين في القلوب ، فأعظمنا صبرا ، هو أعظمنا يقينا ، وكلما ترقى العبد في مراتب اليقين كلما ترقى في مراتب الصبر ، كما قال تعال ] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [ أي أنه لا يمكنك أن تصبر إلا بأن تتيقن بأن وعد الله حق ، فأعطاه هنا مفتاح الصبر وهو اليقين ، وأخبره عن حال الذين لا يوقنون بأن عدم صبرهم واستخفافهم إنما هو بسبب انعدام اليقين من قلوبهم ومنها:- الرضا بالقضاء ، فإن القضاء إن نزل على قلوب قد اطمأنت باليقين فإنه لا يضرها ، ومنها:- انقلاب المحن إلى منح ، فإن من أعظم ما يُعِدُّه العبد للبلاء هو تصحيح اليقين في القلب ، فإن أهل اليقين لا يتبرمون من كثرة البلاء ، بل يستلذون به كما يستلذ الآكل بما يحبه من الطعام ، نعم ، هم لا يتمنونه أبدا ، ولكنه إن نزل بهم ، فإنهم يعلمون أنه من الله تعالى فترضى قلوبهم عن ربهم ويعلمون أنه مما يكفر به عنهم فيستلذون به ، ويحمدون ربهم عليه ويشكرونه على أن ألهمهم الصبر عليه والرضا به ومنها :- كمال التوكل على الله تعالى ، كما قال تعالى ] فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [ والحق هنا يراد به اليقين ، ومنها :- أنه من أكبر البواعث على العمل ، فإن تخلف العمل يكون بسبب تخلف اليقين أو ضعف اليقين ، فكلما قوي اليقين قوي العمل ، ومنها :- راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا ، فإنه متيقن أن الله تعالى عوض عن كل ما يفوت ، فما عند الله تعالى خير وأبقى ، ومنها :- صغر الدنيا بأسرها في عينيه ، فلا يراها شيئا أصلا، لأنه موقن بالآخرة وبما فيها من النعيم المقيم والراحة الأبدية واللذة الكاملة ، ومنها :- أنه يحمل صاحبه على مباشرة الأهوال وركوب الأخطار في سبيل رضا الرب تعالى ، وهو يأمر بالإقدام دائما ، فهل يدخل أهل الجهاد في ساحات الوغى والقتال إلا باليقين في موعود الله تعالى لهم بالدرجات العلى والنعيم المقيم ، فاليقين يحمل النفس على المخاطرة وعدم التردد والإقدام على الأمر الكبير الخطير طلبا لرضا الرب جل وعلا ومنها :- الإمامة في الدين كما تقرره قاعدتنا التي نحن بصدد شرحها ، ومنها :- أنه يحمل صاحبه على الجد في طاعة الله عز وجلّ والتشمير والمسارعة والمسابقة في الخيرات، ومنها :- الثبات على الحق الذي تيقنه ، فلا يتراجع عنه ولا يستسلم دونه ، حتى لو عرض للقتل والتعذيب ، ومنها :- طرد اليأس من القلب ، فأهل اليقين لا يعرفون اليأس لكمال ثقتهم في ربهم وكمال توكلهم عليه وكمال عزيمتهم في تحصيل المطلوب الشرعي ، ومنها :- مضاعفة الأجور وعظم الثواب وارتفاع الدرجة عند الله تعالى, فإن الأعمال وإن تماثلت صورها في الظاهر إلا بينها من التفاوت في الآثار كما بين السماء والأرض وذلك بسبب التفاوت في الإخلاص واليقين ، فهذه جمل من ثمرات اليقين وقد استفدتها من موسوعة البحوث والمقالات الإسلامية وهذا مأخوذ بمعناه من مقال للشيخ خالد السبت وفقه الله تعالى لكل خير, وجزى الله القائمين عليها خير الجزاء ، والمهم أن ثمرات اليقين كثيرة ، ولكن ما ذكرناه هو أهمها ، واعلم رحمك الله تعالى أن اليقين كما أن له بواعث وثمرات فكذلك له ما يفسده في القلوب ، ومفسدات اليقين كثيرة فمنها :- الخطأ في سلوك طريق العلم الصحيح ، ومنها :- بناء قاعدة العلم على الظنون والأوهام ومنها :- معارضة الوحيين بالعقول والقواعد الفاسدة ، ومنها :- التشكيك في كل الأمور وجعل الشك في العلم طريقا للعلم ، كما هو حال أهل الكلام الفاسد ، ومنها :- تكديره باستماع الشبه ، ومنها:- كثرة الجدال في الحق ، فهو باب كبير من أبواب فساد اليقين ، ومنها :- تكدير صفو الإيمان بالذنوب والمعاصي ، ومنها :- تقديم رضا المخلوق على رضا الخالق ، ومنها :- تطلع القلب لغير الله تعالى وتعليق القلب بغيره جل وعلا ، ومنها :- سماع كلام المخذلين، والمثبطين الذين يثبطون عزائم المؤمنين ويوهنونهم، ويحثونهم على القعود عن التزام صراط الله عز وجلّ المستقيم، فهؤلاء الذين قَلَّ يقينهم إذا استمع العبد منهم؛ فربما سببوا له شيئاً من ضعف اليقين، حين ذلك يورثه قلقاً، وانزعاجاً، واضطراباً وهذا يخالف اليقين؛ لأن اليقين طمأنينة، وثبات واستقرار ، ومنها :- الركون إلى الدنيا وشهواتها وملذاتها ، ومنها :- فتح القلب للوساوس الشيطانية ، والتي هي أصل البلاء ، ومنها :- ضعف التعبد لله تعالى , ومنها :- ضعف التفكر في آيات الله تعالى الكونية والشرعية ، ومنها :- صحبة أهل الغفلة عن الله تعالى ، ومنها :- الخوف والخشية من غير الله تعالى ، وبالجملة فاليقين أمر رباني يقذفه الله تعالى في قلب من شاء من عباده ، فاحرص على تحقيق أسبابه وتوكل على الله تعالى ، وإن من أعظم صفات الداعية أن يكون متصفا بهذه الصفة الطيبة العريقة الكبيرة ، فإنه لا إمامة في الدين إلا باليقين والصبر فهذا بالنسبة للصفة الأولى ، وهي اليقين ، وأما الصفة الثانية من صفات الإمامة :- فهي الصبر والصبر هو حبس النفس على تحمل الأمر الشاق من غير ملل ولا ضجر ، والصبر من الدين كالرأس من الجسد ، فلا تقوم مصالح العبد في دينه ودنياه إلا بالصبر ، لاسيما وأن الله تعالى قد أخبرنا أنه قد خلق الإنسان في كبد ، أي في مكابدة للأمور ومجاهدة في تحصيلها ، فتغلبه تارة ويغلبها تارة ، فليس من الأمور شيء يأتي باليسر في الأعم الأغلب ، بل لا بد من التحمل والصبر والحلم في أغلب الأمور, ومن لا صبر له فهو مسكين ، وسيتعب كثيرا كثيرا في هذه الحياة ، فلا بد من تربية النفس على الصبر والتحمل والمجاهدة ، وقد قسم أهل العلم رحمهم الله تعالى الصبر إلى ثلاثة أقسام :ـ صبر على طاعة الله تعالى والمحافظة عليها والقيام بها خير القيام ، وصبر عن محارم الله تعالى وحبس النفس عنها وهجرانها وكبح جماح الشهوة عن ارتكابها ، وصبر على الأقدار المؤلمة ، وكلها مهمة للعبد ، فأما الأول فبه رضا الرحمن ودخول الجنان ورفعة الدرجات فيها ، وأما الثاني فبه الفرار من غضب الديان وأليم عذابه وشديد عقابه ، والصبر على الأقدار المؤلمة يوجب له الرضا بالقضاء وعدم التسخط ، وكلها من مهمات المسلم على وجه العموم والداعية على وجه الخصوص ، فإن من لا صبر له من الدعاة فإنه يوشك أن يترك الدعوة أو يكثر فيها تشكيه المذهب لأجره ، ولذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر وهو أمر له ولأمته من بعده ، لاسيما أهل الدعوة ، لأنهم سلكوا مسلكه في التعليم والدعوة ، فقال تعالى ] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ [ وأخبر عن عظيم منزلة الصبر فقال تعالى ] إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [ وأخبر أنه معهم فقال تعالى ] إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[ وأمر نبيه بتبشيرهم إن احتسبوا فقال ] وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ [ وأخبر أنه يحبهم فقال ] وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [ وامتدح الله تعالى بعض عباده بالصبر فقال عن أيوب عليه السلام ] إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ وقال تعالى ] وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ [ وأخبر عن الصبر أنه من عزم الأمور ، فقال تعالى ] وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [ وكان الصبر من أعظم ما يؤمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان هو سلوة النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى ] فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [ وقال تعالى ] تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [ وقال تعالى ] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [ وقال تعالى ] فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [ وقال تعالى ] فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ [ وأمره بالصبر الجميل فقال تعالى ] فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا [ والصبر الجميل هو الصبر الذي لا شكوى فيه إلا لله تعالى ، وأخبره تعالى أن صبره هذا إنما هو من أجل ربه وتبليغ دعوته ، فقال تعالى ] وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [ والمهم أن منزلة الصبر من المنازل الدينية الكبيرة العريقة التي لا يقدر العبد على مكابدة أمور الدعوة ولا غيرها إلا بها ، فإن قلة الصبر مذهبة للأجر ومكثرة للشكوى وتؤول إلى انقطاع الداعية عن الدعوة وذلك أن الداعية إلى الله تعالى لا بد وأن يبتلى ، ولا بد وأن يشدد عليه في طريق الدعوة فليس طريق الدعوة مفروشا في الأعم الأغلب بالورود والرياحين والراحة ، بل هو طريق لا بد وأن يواجه الداعية فيه ما واجهه الدعاة من قبله من الأنبياء والرسل ، فلا بد وأن يواجه تارة بالتكذيب وتارة باتهام الذات والنيات ، وتارة بالتشكيك في مصداقية دعوته ،وأنه لا يريد بها إلا كيت وكيت ، كما قال الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا ] امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ [ أي لا يراد به إلا أمرا من الأمور ، وقد اتهم سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم بالكذب ورمي بالبهتان العظيم من أنه كاهن وشاعر ومجنون ، وطرد وأوذي هو وأصحابه وعذبوا في الله تعالى أشد العذاب ، فمنهم من قتل ومنهم من سحب على الحجارة المحماة ومنهم من جلد بالسياط ومنهم من ماتت أمه وأبوه أمام عينه ، إلى صور كثيرة يصعب حصرها ، فلا مخرج من هذه البلايا الكبيرة إلا بالصبر الجميل ، فالصبر أصل الدعوة وكم من داعية فصل من وظيفته وسجن وعذب وابتلي في عرضه وأهله ، ولكن بالصبر تنال الإمامة ويتحقق الفرج ، فالصبر الصبر معاشر الدعاة ، واعلموا أن العاقبة للمتقين ، والفرج قريب ، والنصر لا يكون إلا مع الصبر ، وأن مع العسر يسرا ، وإذا اشتدت ظلمة الليل اقترب الفجر ، وإن قوي شد الحبل انقطع ، ولا راحة ولا سعادة إلا بالصبر ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى ( فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين فقيل بالصبر عن الدنيا ، وقيل بالصبر على البلاء ، وقيل بالصبر عن المناهي والصواب أنه بالصبر عن ذلك كله بالصبر على أداء فرائض الله والصبر عن محارمه والصبر على أقداره ، وجمع سبحانه بين الصبر واليقين إذ هما سعادة العبد وفقدهما يفقده سعادته فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لأمر الله وطوارق الشبهات المخالفة لخبره فبالصبر يدفع الشهوات وباليقين يدفع الشبهات ) فالابتلاء واقع على الدعاة الصادقين لا محالة ، ولا مخرج منه إلا بالصبر واحتساب الأجر ، وقد أخبر الله تعالى عن مضاعفة أجر الصابرين مرتين ، فقال ] أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [ وقد جمع للصابرين ثلاثة أمور لم يجمعها لغيرهم وهى الصلاة منه عليهم ورحمته لهم وهدايته إياهم قال تعالى ]وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[ وقال بعض السلف وقد عزى على مصيبة نالته فقال مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها، وقد جعل الصبر عونا وعدة وأمر بالاستعانة به فقال ] وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ [ قال السلف :- فمن لا صبر له لا عون له ، وقد علق سبحانه النصر بالصبر والتقوى فقال تعالى ] بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ [ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " واعلم أن النصر مع الصبر "(1) والصبر جنة عظيمة وحصن حصين من كيد العدو والأمن من ضرره , قال تعالى ] وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [ ولذلك استحق الصابرون أن تسلم عليهم الملائكة في الجنة وثني عليهم بصبرهم ، قال تعالى ] المَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [ ولأهمية الموضوع فقد أفرده بعض السلف في مؤلفات مستقلة ، ومن أجمعها وأحسنها كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم رحمه الله تعالى ، فالصبر خير معين على البلاء ، وأحصن حصن من التسخط على القضاء ، فالصبر الصبر أيها الدعاة الكرماء ، والأئمة الفضلاء ، وكم من الدعاة الذين انقطعوا عن دعوتهم وانقلبت الحال عليهم بسبب قلة الصبر وضعف اليقين ، فخصال الخير المهمة في الدعوة لا تكون إلا مع الصبر كما قال تعالى ]وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ[ وقال عليه الصلاة والسلام «إنَّ من ورائكم أيام الصبر الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين يعملون مثل علمه» قالوا يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال «أجر خمسين منكم»(2) وقال عليه الصلاة والسلام «إنكم ستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض»(3) وقال الزبير بن عدي :دخلنا على أنس بن مالك فشكونا إليه الحجاج فقال:«اتقوا الله واصبروا فإنه ليس من عام إلا والذي بعده أشد منه حتى تقوم الساعة» وقال السلف ( ما وجدنا حلو عيشنا إلا بالصبر ) وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس باد الجسد) وقال رضي الله عنه (الصبر على أربع شعب على الشوق والشفق والزهادة والترقب , فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات.ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات.ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات.ومن أرتقب الموت تسارع إلى الخيرات) وقال السلف رحمهم الله تعالى وغفر لهم ( طوبى لمن غلب بتقواه هواه ، وبصبره الشهوات ) وقالوا ( لو كان الصبر من الرجال لكان حليما ) وقال الحسن رحمه الله تعالى (الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لبعد كريم عليه ) وقال إبراهيم التيمي رحمه الله تعالى (ما من عبد وهب الله له صبرًا على الأذى وصبرًا على البلاء وصبرًا على المصائب إلا وقد أوتي أفضل ما أوتيه أحد بعد الإيمان بالله) وقال ميمون رحمه الله تعالى (ما نال أحد شيئًا من جسيم الخير نبي فمن دونه إلا بالصبر ) قال السلف رحمهم الله تعالى (وفي الصبر احتمال الأذى وكظم الغيظ والعفو عن الناس ومخالفة الهوى وترك الأشر والبطر) والكلام فيه كثير ، والمهم أن تلكم الصفتين الكبيرتين العظيمتين شرط في بلوغ القمة في الدعوة والإمامة في الدين ، فلا إمامة إلا بالصبر واليقين ، والله من وراء القصد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . (1) حديث حسن بمجموع طرقه ، بعضه عند أحمد ، وبعضه عند الترمذي ، وبعضه عند غيره وانظر " جامع العلوم والحكم " لابن رجب الحنبلي في حديث الباب ، و "المقاصد الحسنة" للسخاوي ، في حديث " لن يغلب عسر يسرين " . (2) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي حسن غريب ورواه ابن حبان وصححه ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره الشيخ الألباني شاهداً لحـديث عتبة بن غزوان . (3) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن إسحاق - وهو المروزي- فمن رجال الترمذي، وهو ثقة. وأخرجه مسلم (1059) (132) ، وأبو عوانة في الزكاة كما في "الإتحاف " 2/302، وابن حبان (7278) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد |