القاعد الخامسة عشرة :- الدين مبناه على الهدى والاتباع لا على الهوى والابتداع . |
القاعد الخامسة عشرة :- الدين مبناه على الهدى والاتباع لا على الهوى والابتداع . أقول :- اعلم رحمك الله تعالى أن الدعوة من العبادات لله تعالى ، وحيث كانت من الأمور التعبدية لله جل وعلا فلا بد فيها من تحقيق شرطي التعبد لله تعالى ، وهما الإخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، بمعنى أنه لا يجوز أن تبنى الدعوة على الأمور المنكرة والأفعال المحدثة المستنكرة ، بل لا بد فيها من الموافقة للمتقرر شرعا ، فالدعوة من أمور الدين ، والمتقرر أن كل إحداث في الدين فهو رد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "(1) وقال عليه الصلاة والسلام " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة "(2) والمتقرر أن الأصل في التعبدات وقفها على مورد النص الصحيح الصريح ، فصارت الدعوة من أولها إلى آخرها مبنية على الموافقة والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فالحذر الحذر أيها الأحبة الدعاة من الإحداث في أمور الدعوة ، أو الدعوة إلى البدعة والمخالفة ، وإنك أيها الداعية الموفق لو نظرت نظرة بسيطة إلى واقع كثير من الدعاة في العالم العربي والإسلامي لوجدت العديد من المخالفات الدعوية ، ما بين إحداث السائل الدعوية التي تخالف النصوص ، وبين الدعوة إلى ما يخالف المتقرر في الشريعة الإسلامية ، وهذه المخالفات على مستوى الطوائف والأفراد ، فالدعوة إلى إحياء الموالد على مختلف أنواعها وتباين أشكالها من الدعوة إلى المخالفة والبدعة ، والدعوة إلى إحياء الليالي الشريفة كليلة الإسراء والمعراج أو ليلة المولد النبوي أو ليلة النصف من شعبان ونحوها كل ذلك من الدعوة إلى المخالفة والبدعة ، والدعوة إلى الأذكار الجماعية وإحياء الطرق الصوفية على تباين مناهجها كله من الدعوة إلى البدعة والمخالفة ، فإن الطرق الصوفية وإن اختلفت مناهجها إلا أنها تجتمع على المخالفة والدعوة إلى الهوى والخروج عن المتقرر في الدين ، والدعوة إلى تكفير عموم المسلمين من الدعوة إلى البدعة ، والدعوة إلى الخروج على حكام الزمان هي من الدعوات المضللة والتي يراد بها تمزيق جسد الأمة وإراقة الدماء وإثارة الفتنة الخامدة والدعوة إلى تحريف أسماء الرب جل وعلا وصفاته من الدعوة إلى البدعة ، والدعوة إلى زيارة القبور الزيارة الشركية وتعظيم القبور بالبناء عليها والطواف حولها والذبح عندها ودعائها من دون الله تعالى هو من الدعوة إلى الشرك والبدعة ، والدعوة إلى التقريب بين الأديان وإزالة الفروق العقدية هي من الدعوة إلى الكفر والزندقة والدعوة إلى نسف الدين وتبديل المناهج الشرعية بالمناهج الغربية بحجة عدم صلاحية مناهج الإسلام لهذا الزمان هي من الدعوات الكافرة الفاجرة المضللة القذرة ، والدعوة إلى إسقاط هيبة العلماء وفتح باب الفتيا على مصراعيه لمن هب ودب بحجة الحرية الفردية هي من الدعوات التي تهدم الدين وتفسد في الأرض ، والدعوة إلى إقصاء الدين عن منهج الحياة والسياسة والحكم والدور التعليمية والمؤسسات في الدولة وحصر أمره في المسجد فقط فلا دين في السياسة ولا عقيدة تضبط حريات الأفراد والجماعات هي من الدعوات الكافرة التي إن قبلت وانتشرت فناهيك عن الفساد الكبير على العباد والبلاد وناهيك عن الشر الكبير والخطر المدلهم على الأمم في هذه الأرض ، والدعوة إلى التقريب بين المؤمن والكافر والبر والفاجر والسني والبدعي بحجة الاتفاق في مفهوم الإنسانية فقط دعوة إلى البدعة ومخالفة المتقرر شرعا في عقيدة الولاء والبراء ، والدعوة إلى إحياء العصبية المميتة المقيتة سواء أكان منها العصبية القومية أو العصبية المذهبية الطائفية أو العصبية للجنس والبلد والنسب ، كلها من الدعوات الفاجرة البعيدة عن الدين وما قررته النصوص من أن مبدأ الحب والبغض لا بد وأن يحصر في الإيمان والتقوى ، وأن أكرمنا عند الله أتقانا ، وأنه لا تفاضل عند الله تعالى لا في المال ولا في الجمال ولا في الحسب ولا في النسب ولا في الديار ولا بالطول ولا بالقصر ولا بالعربية ولا بالأعجمية ، وإنما هو التفاضل بالإيمان والتقوى والدعوة إلى تحكيم القوانين الوضعية وإبعاد الحكم والتحاكم إلى شريعة الله تعالى هي دعوة إلى الكفر والفساد في الأرض ، بل وصف الله تعالى أهلها بأنهم الكافرون الظالمون الفاسقون وأنهم يبغون حكم الجاهلية ، والدعوة إلى تقديس الأشخاص بغير ما معهم من الحق دعوة إلى إحياء منهج الوثنية في الأرض ، إلى غير ذلك من الدعوات الآثمة الفاجرة ، والتي بناها أصحابها على مخالفة الحق ومصادمة الدليل ، وكلها دعوات ضالة لا يجوز الانطواء تحت لوائها ولا الدخول في شعاراتها ، ولا تمجيد أصحابها فإن من عظم صاحب البدعة فقد أعان على هدم الإسلام ، فكل دعوة بنيت على غير الهدى فإن حقيقتها أنها تدعو إلى الهوى ، ولا يقبل الله تعالى الإحداث والابتداع في دينه ، فكل إحداث في الدين فهو رد ، والحق محصور في أهل السنة والجماعة ، فدعوتهم رضي الله عنهم وأرضاهم هي الحق الحقيق بالقبول والاعتماد ، لأنها سارت على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في العقيدة والعمل ، فقد أخذوا بالكتاب والسنة باطنا وظاهرا في الأقوال والأعمال والاعتقادات ، فلا يتجاوزون الدليل طرفة عين ولا أقل من ذلك ، فدعوتهم مبنية على الاتباع لا على الابتداع ، وعلى الهدى لا الهوى ، وهم الفرقة الناجية والجماعة الموفقة والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى ، يقولون بما قال به الدليل ، ويدورون حيث دار الدليل ويقفون حيث وقف الدليل ، فالدليل هو قائدهم والحجة الصحيحة هي ناصرهم ،والله تعالى هو وليهم ومولاهم فنعم المولى ونعم النصير ، جعلنا الله وإياك من أتباعهم ، وممن سار على منهاجهم باطنا وظاهرا ، ونسأل الله تعالى أن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، قال أبو العباس رحمه الله تعالى (والعبادات مبناها على الشرع والإتباع لا على الهوى والابتداع فإن الإسلام مبني على أصلين : أن لا نعبد إلا الله وحده وأن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعبده بالأهواء والبدع ) والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . (1) حديث صحيح , أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم 4/298 في البيوع : باب النجش ووصله في الصلح 5/221 : باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ومسلم رقم (1718) في الأقضية : باب نقض الأحكام الباطلة ، وأبو داود في السنة : باب لزوم السنة 2/506 ، وأخرجه ابن ماجة في المقدمة : باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم 14 .
(2) رواه أبو داود في " السنة " رقم (4607) : باب لزوم السنة ، والترمذي في العلم رقم (2678) : باب 16 ، وإسناده صحيح ، وأخرجه أحمد في المسند 4/126 127، وابن ماجة في المقدمة رقم 42 باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين .
|