القاعدة الخامسة والأربعون :- الدعوة من أمور الشرع الكبيرة فلا بد وأن تبنى على الوسطية في أمورها . |
القاعدة الخامسة والأربعون :- الدعوة من أمور الشرع الكبيرة فلا بد وأن تبنى على الوسطية في أمورها . أقول :- لقد تقرر عند أهل العلماء رحمهم الله تعالى أن هذه الأمة وسط بين الأمم ، كما قال تعالى ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا[ وتقرر عند عامة السلف رحمهم الله تعالى أن أهل السنة والجماعة وسط بين فرق الأمة كوسطية الأمة بين الأمم ، وهذه الوسطية لا بد وأن تكون في كل أبواب الدين ، في العقائد والعبادات والمعاملات وغيرها من أبواب الدين ، وحيث كانت الدعوة إلى الله تعالى من أبواب الدين الكبيرة ، فلا بد وأن تكون مبنية على الوسطية ، فإنه إن جانبت الدعوة منهج الوسطية إلى الغلو والإفراط ، أو إلى التقصير والتفريط فإنه لن تؤتي ثمارها اليانعة ، ولن يكون دورها في إصلاح المجتمع ولذلك فإن الدعوات التي قامت ولم يكن لها آثارها في المجتمع إنما كان الخلل في ذلك هو مخالفتها لمنهج الوسطية إما إلى إفراط أو إلى تفريط ، بل لا نبعد إن قلنا: إن الدعوة إن خالفت منهج الوسطية فإنها قد تكون آثارها على الأمة سلبية ، كما هو الحال في كثير من الدعوات ، والتي بنت دعوتها على الوثنية وتقرير الشرك أو على البدعة ومخالفة السنة ، أو على تقرير الشهوة والهوى ، فالله الله أيها الدعاة الكرام باعتماد المنهج الوسطي في أمور الدعوة كلها ، ولا يتحقق هذا الأمر إلا إن كانت الدعوة قائمة على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ، فمتى ما اختل واحد من هذه الأصول الثلاثة فناهيك عن الفساد والخلل الكبير الذي سيحل في الأمة ، فالوسطية والتوازن من أعظم المنن والنعم التي يمن الله تعالى بها على عباده ، فمن أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا ، فالمنهج الوسطي هو من أعظم ما اختصت به هذه الأمة فلا بد من تربية الأمة عليه ، فلا مخرج للأمة من تلك الأزمات التي تمر بها إلا باعتماد هذا المنهج وصور الوسطية في الدعوة كثيرة جدا لا تكاد تحصر ، ولكن من باب التنبيه على طرف منها نذكر لك جملا منها ، فأقول : منها :- الوسطية في الجمع بين جانبي التعبد والدعوة ، فإن من الناس من يغلب جانب التعبد على جانب الدعوة ، ومنهم من يغلب جانب الدعوة على جانب التعبد ، وأعني بالتعبد أي عبادته هو في نفسه ، فمن الدعاة من تراه في كل مجال من مجالات الدعوة ، ولكن إذا رأيته هو في خاصة نفسه رأيت عنده من التقصير في جانب العبادة ما لا تصدق صدوره من مثله في جهده ونشاطه في الدعوة ، فلا ترى عنده حرصا على النوافل من قيام الليل وصيام الأيام الفاضلة أو التنفل القبلي والبعدي ، المهم أنك تلاحظ التقصير الكبير في اهتمامه بزاد روحه ، وهذا أمر مجانب للوسطية ،بينما ترى بعض الناس عنده من الاهتمام بالتزود الذاتي ما لا يقارنه فيه أحد ، ولكنك لا تراه في مواطن الدعوة إلى الله تعالى ، فلا أثر له ولا مشاركة في جانب الدعوة ، بل بعضهم تجده يتهرب من المسئولية الدعوية ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، وهذا أمر مجانب لمنهج الوسطية ، والحق والعدل في ذلك هو سلوك الطريق الوسط ، فلا يغلب جانب العبادة على جانب الدعوة ، ولا جانب الدعوة على جانب العبادة ، والجمع بينهما ممكن ولا يدعي التعارض بينهما إلا ضعيف النظر والفهم ، أو من هو أصلاً كسول في خاصة نفسه ، فعلى الداعية أن يهتم بالأمرين جميعاً باعتدال وتوسط ، فلا يغلب جانباً على حساب جانب ، وهكذا تسير الأمور على خير ما يرام ، ولذلك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم جامعاً بين هذين الأمرين جمعاً لا مثيل له ، فقد كان هو سيد الدعاة وأكبر الدعاة وأعظم الدعاة ، ومع ذلك فهو أكمل المتعبدين لله تعالى في صيامه وصلاته وقيامه بالليل ، وفي غيرها من سائر أبواب التعبدات ، فلم تكن دعوته تغلب على جانب تعبده ، ولم يكن تعبده بشغله عن جانب دعوته ، وهذا هو منهج الوسطية ، والله أعلم . ومنها :- الجمع في الدعوة بين مبدأي الترغيب والترهيب ، كما شرحناه سابقا ، فلا ينبغي الترهيب في الدعوة دائما وأبدا ، ولا الترغيب دائما ، لأن التركيز على منهج الترغيب مما يوجب للنفوس الأمن من مكر الله ، والتركيز على منهج الترهيب يوجب للنفوس اليأس من روح الله ، ولكن الجمع بينهما يورث الروح والقلب الجمع في التعبد بين الرغب والرهب ، وهذا هو المنهج الوسط ، والذي لا تقوم الأمور إلا به ، وهي طريقة الرسل المرسلة ، والكتب المنزلة من الله تعالى ، وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه وعليه :- فالداعية الذي لا تراه إلا مرهبا ، هذا عنده قصور في منهج الوسطية ، والذي لا تراه إلا مرغبا هذا عنده أيضا قصور في تحقيق منهج الوسطية ، والذي تراه جامعا بين الأمرين ومرجحا لأحدهما عند ورود ما يوجب الترجيح فهو الداعية الموفق والمهدي إلا سواء الصراط ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في الدعوة بين الترغيب في الآخرة وعدم التزهيد الكامل في الدنيا ، فإن من الدعاة من لا تراه إلا مهتما بأمور الآخرة فقط ، ولا يعرج على أمور الدنيا بضبطها بمنهج الله تعالى وشريعته فهو داع إلى الزهد الكامل في الدنيا ، وهذا فيه قصور ، بل الحق هو الاهتمام بالأمرين جميعا ، وضبط الأمرين بشريعة الله تعالى ، فلا نرغبهم في الدنيا الترغيب المطلق ، ولا نزهدهم فيها التزهيد المطلق ، بل الوسطية في ذلك الأمر مطلوبة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم باع واشترى واستأجر ودخل السوق ووكل في البيع والشراء ، وتملك الإبل والشياه ، وتزوج وأكل اللحم واستمتع بأكل الحلوى والعسل والبطيخ بالرطب ، وأكل الشواء وكان يحب الكتف ، وسمع الشعر وكافأ عليه ، ولبس الجميل والمتوسط من الثياب ، وحث على العلم ورغب فيه ، إلى غير ذلك من الأمور التي تدل على أن الأمر فيه وسطية بين النظر في هذا الأمر ، فليس العبد مأمورا بترك أمور معاشه وما يصلح دنياه الترك المطلق ، ولا هو مأمور بالتوغل في أمور دنياه التوغل الذي يشغل قلبه وعقله عن التعبد ، والجمع بينهما مطلوب ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، قال عليه الصلاة والسلام " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف "(1) وقال تعالى ] فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ [ وهذا لإقامة أمور الدنيا ، ثم قال ] وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ [ وهذا لإقامة أمر الدنيا والآخرة وقال عليه الصلاة والسلام " لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ بِحُزْمَةٍ مِنْ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَيَبِيعُهَا فَيَسْتَغْنِي بِهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ " وقَالَ " مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ ، قَالَ : كَانَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ لا يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ " وسئل عن أطيب الكسب ، فقال " عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور " ومن المعلوم أن الإسلام ليس دينا مقصورا في جهة من جهات الحياة فقط ، لا ، وألف لا ، بل الإسلام دين شامل لكل مناحي الحياة ، فلا تجد جزئية من جزئيات الحياة إلا وللإسلام فيها تقرير وآداب ، فالإسلام معك بأحكامه وآدابه حيثما حللت وارتحلت ، فينبغي للداعية الموفق أن يتوسط بين دعوة الناس إلى العبادة والزهد ، وبين الحث على طلب الخير والرزق ، فلا يطغى جانب على حساب جانب ، ومتى ما اختل منهج الوسطية في هذه المسألة فاعلم أن ميزان الحياة سيختل ، فالكلام في أمور الزهد في الدنيا دائما وكأن الإسلام ليس له تعلق بطلب الرزق الحلال ليس بصحيح ، والكلام في الدنيا بقضها وقضيضها دوما وكأننا ما خلقنا إلا لها ليس بصحيح ، والوسطية في هذا الأمر مطلوبة ، وخير الأمور ما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في النقد ، فلا نمنع النقد مطلقا ، ولا نفتح الباب فيه على مصراعيه مطلقا ،بل نبني أمر النقد على الوسطية ، وذلك أن النقد لا يكون فعالا مفيدا إلا إذا روعيت فيه قواعد أهل السنة والجماعة ، وخلا عن حظوظ النفوس وشهواتها ، فمن قواعد الوسطية في النقد الإخلاص إلى الله تعالى في النقد ، وأن لا يكون مراده بنقده للأفكار والأشخاص والمذاهب إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة ونصر الحق وبيان الباطل وتحذير الأمة من الأمور التي لا تجني منها إلا المفاسد الخالصة أو الراجحة ومن قواعده :- العدل والإنصاف في النقد ، فلا ينبغي تجاوز الحد في النقد حتى تكون صورة المنقود صورة قبيحة بشعة وكأنه لا خير فيه للأمة أبدا ، ولا ينبغي السكوت عن الأخطاء ، بل على الداعية بيان الحق وإبطال الباطل لكن بعدل ووسطية ، فإن كانت المصلحة الشرعية تتحقق بدون ذكر للأسماء فلا داعي لذكرها ، بل نعالج الخطأ لذات الخطأ بغض النظر عن الأسماء ، فلا داعي لجرح الناس في أنسابهم وأديانهم والقدح في نياتهم ، ولا داعي لذكر أحوالهم الداخلية التي لا شأن لها بما نحن بصدد نقده ، وقد سمعت بعض الدعاة ينقد واحدا في مسألة علمية للمنقود فيها دليله الذي يراه صحيحا ، فقال هذا الرجل في نقده :- وقد مسكت الهيئة هذا الرجل في عدة قضايا أخلاقية ، قلت : وأي شأن لهذا في المسألة التي نحن بصدد نقدها ، وهذا من التجاوز الذي لا يجوز ، ومن فضيحة المؤمن ، بل هو مجانب لأخوة الدين والإيمان ، فإن الستر مطلوب ، وأنت ترى وتسمع في النقد كلاما لا يراد به مجرد النقد، بل يراد به جرح ذات الشخص وإسقاطه من جملة العلماء أو طلبة العلم ، بل وإخراجه أحيانا من دائرة أهل السنة ، أو الإسلام بالكلية ، وهذا أمر لا يحل أيها الأحبة ، فالوسطية مطلوبة ،وتقوى الله تعالى هي زين الأمور وخير الطرق للعدل والإنصاف ، ومن قواعده :- الحذر الكبير من الشهوة الخفية ، وهي أن تنقد في الناس لرفع ذاتك ، وأنك الكامل ، وأنك قد بلغت مرحلة في العلم تؤهلك للنقد والجرح والتعديل ، فإن من الناس من لا يجد طريقا للبروز والظهور إلا على أكتاف إخوانه من العلماء وطلبة العلم ، فليس همه تصحيح الأخطاء ولا حماية الأمة من الأفكار الفاسدة ، بل همه الظهور والشهرة ومن قواعده :- أن يكون مبدأ النقد جار على مبدأ النصح والتوجيه والتصحيح ، لا على مبدأ الفضيحة والتشهير ونشر الغسيل - كما يقولون - فالنقد مبناه على تحقيق المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها ، ولكن كثيرا من نقد المناهج والأشخاص في الآونة الأخيرة صار مبناه على أمور لا تبغي أن تكون بين المسلمين عموما وبين الدعاة وطلبة العلم على وجه الخصوص ، فالله الله أيها الأحبة في ضبط اللسان وتقوى الله في أعراض المسلمين ، والمهم أن النقد من الأبواب التي لا بد وأن تبنى على الوسطية ، فلا يفتح الباب فيها مطلقا ، ولا يغلق مطلقا ، بل الأمر مبناه على الوسطية ، ولا يتحقق مبدأ الوسطية إلا بضبطه بمثل هذه القواعد المستمدة من الكتاب والسنة ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في باب وسائل الدعوة ، كما ذكرناه سابقا ، فوسائل الدعوة لسنا نقول بفتح الباب فيها مطلقا ، ولا نقول بقفل الباب مطلقا ، بل نقول فيها بمنهج الوسطية ، فنقول فيها ما قلناه سابقا من أن وسائل الدعوة توقيفية فيما خالف النص ، واجتهادية فيما كان في دائرة النص ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في باب الدعوة إلى حفظ المتون وفهمها ، فمن الناس من يدعو إلى حفظها دوما ولكن لا ينبه على أهمية استشراحها عند المتقنين لها ، ومن الناس من ينبذ حفظ المتون ، ولا يرى لها أهمية في ترسيخ العلم في القلوب ، ويرى أنها لا داعية لها في صدر ولا ورد ، وأن الاقتصار على الفهم كاف عن حفظ الألفاظ ، وكلا الأمرين فيه قصور ، بل المطلوب الأول هو الفهم ، ولكن الحفظ من وسائل ثبات العلم في القلب ، فكلاهما يكمل الآخر ، فالحفظ بلا فهم لا يكفي ، والفهم بلا حفظ لا يثبت ، ولكن الجمع بين الأمرين هو المتعين ، فلا بد من الدعوة إلى الأمرين جميعا في إطار واحد فلا غنى للحفظ عن الفهم ، ولا للفهم عن الحفظ ، والله أعلم . ومنها :- الوعظ ، فإن مبناه على الوسطية ، وهي الحال التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن عليه الصلاة والسلام يترك القوم من الوعظ ، ولم يكن يكثر عليهم ، بل كان يتخلوهم بالموعظة في الأيام كراهية السآمة على الناس ، فترك الناس من الموعظة مطلقا ليس بصحيح ، وحمل الناس على كثرة المواعظ ليس بصحيح ، بل التوسط في ذلك هو الحق ، وهو الهدي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ، وهو ما قررته لك في قاعدة مستقلة في هذا الصدد ، والله أعلم . ومنها :- مراعاة الناس في التوسط بين التقصير المفرط في الوعظ أو التطويل الممل ، فالأمر مبناه على الوسط ، فلا ينبغي للداعية أن يطيل على الناس إطالة تملهم ، ولا أن يقصر تقصيرا لا تتحقق معه الفائدة ، بل يعظ حيث كانت القلوب مقبلة ، والآذان له مصغية ، وإن رأى بعض التململ فليقف وخير الأمور أوساطها ، والله أعلم . ومنها :- تحقيق مبدأ الوسطية في التعامل مع الحكام والدخول عليهم ، فلا ينبغي الدخول عليهم رجاء ما عندهم من الدنيا والطمع فيما يملكونه من المناصب ، ولا أن يدخل عليهم راغبا فيما عندهم من حطام الدنيا ، وفي المقابل لا ينبغي للداعية هجرهم من الوعظ والنصح والتوجيه وإيصال حاجة من لا يستطيع إيصالها والشفاعة الحسنة للمحتاجين ، فالدخول عليهم مطلقا لا ينبغي ، والامتناع من الدخول عليهم مطلقا لا ينبغي ، ولكن الوسط هو الدخول عليهم في أمور النصح والتوجيه وإيصال حاجة المحتاج لهم ، وهكذا كان دأب السلف الصالح رحمهم الله تعالى ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في الأخطاء الصادرة من بعض أهل الولاية ، فإنه لا يجوز السكوت عنها مطلقا، ولا يجوز إنكارها أمام العامة ، بل العدل والوسط أن يؤخذ بيده ويخلو العالم به ، ثم يناصحه فيما بينه وبينه من حيث لا يدري أحد ، فالإنكار العلني لا يحل ، والسكوت العام المطلق لا يحل ، ولكن المناصحة السرية مع النبرة المشفقة والأدب الرفيع ، والله أعلم . ومنها :- الوسطية في الاتصال بالجمهور ، فإنه لا ينبغي للداعية الموفق أن يشغله الاتصال بالجمهور عن حوائج أهله ووالديه ونحوهم ممن له حق عليه من صلة رحم أو خلوة بالنفس للمحاسبة ، ولا ينبغي أن تشغله هذه الأمور عن القيام بواجب دعوته ، بل قيامه بتلك الحقوق الواجبة هي أصلا من الدعوة فلا تفريق بينها وبين أمور الدعوة الأخرى ، بل والداك وأهلك هم أحق الناس بدعوتك ، والمهم أنه لا بد من التوازن في قياس الأمور ، فلا يطغى جانب على جانب ، والله أعلم . والمهم أن الوسطية أصل من أصول الدعوة ، فعلى الداعية مراعاتها المراعاة الكاملة ، وليعلم الداعية الموفق أنها متى ما أخل بهذا المنهج الوسطي إلى الغلو أو إلى الجفاء فإن الخلل سيبين في دعوته ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وهو أعلى وأعلم . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . (1) حديث صحيح , أخرجه مسلم رقم (2664) في القدر ، باب في الأمر بالقوة وترك العجز , و أحمد (2/366) . |