أسماء الله تعالـى مترادفةٌ من حيث الذات متباينةٌ من حيث الصفات

أسماء الله تعالـى مترادفةٌ من حيث الذات متباينةٌ من حيث الصفات

 

قبل الدخول في شرح هذه القاعدة أود أن أبين لك أولاً بعض الألفاظ التي تعينك على فهم هذه القاعدة فأقول :

اعلم أن المترادف هو : ما اختلف لفظه واتفق معناه ، وذلك مثل أسماء السيف فهي كثيرة مختلفة في ألفاظها متفقةٌ في معانيها وكأسماء النبي - e - اختلفت في ألفاظها واتفقت في معناها إذ كلها تدل على ذاتٍ واحدة وهي ذاته - e - ، وكأسماء القرآن الكريم كالذكر والكتاب والقرآن كلها تدل على شيء واحدٍ بألفاظٍ مختلفة ، وأما التباين فهو ما اختلف لفظه ومعناه كلفظ البيت ولفظ الفيل اختلفت في ألفاظها فحروف هذه الكلمة ليست هي نفس حروف هذه الكلمة والفيل ليس هو البيت، وأما التواطئ فهو ما اتفق لفظه ومعناه وهو نادر في اللغة العربية ويمثل له بالاسم المطلق الكلي ، وأما الاشتراك فهو ما اختلف معناه واتفق لفظه كلفظ العين فهو يدل على العين الباصرة وعلى العين الجارية وعلى العين الجاسوسة وعلى عين الذهب ، إذا علمت هذا فاعلم أن أسماء الله تعالى وردت لنا بألفاظٍ مختلفة كالسميع والبصير فلفظ الأولى ليس هو بعينه لفظ الثانية . . . . وهكذا إلا أنها مع هذا الاختلاف اللفظي تدل على ذاتٍ واحدة وعلى شيء واحدٍ هو الله جل وعلا ، فهي من حيث دلالتها على الله وحده من باب الترادف فقد اختلفت ألفاظها واتفقت دلالاتها ، لكننا لو نظرنا إلى ما تتضمنه هذه الأسماء من الصفات لوجدنا أن كل اسمٍ منها يتضمن غير الصفة التي يتضمنها الاسم الآخر كالسميع والبصير فالسميع دل على صفة السمع والبصير دل على صفة البصر ومن المعلوم ضرورة أن السمع ليس هو البصر ، بل هو غيره وهكذا بقية الأسماء فهي من حيث دلالتها على ذاتٍ واحدةٍ من باب المترادف وهي من حيث دلالتها على ما تتضمنه من الصفات من باب المتباين إذًا صدقت القاعدة ولله الحمد .

إذا علمت هذا فاعلم أننا قد قلنا سابقًا أن المعتزلة يجعلون الأسماء من باب الأعلام المحضة المترادفات وبعضهم يجعلها من باب المتباين ويصرح بنفي الصفة ، فهل هذا حقٌ أم باطل ؟

الجواب أن هذا الكلام فيه إجمال وما كان من باب المجمل فإنه يتوقف فيه حتى يأتي البيان ، فأقول : الذين قالوا : إن الأسماء من باب المترادف إن أرادوا أنها مترادفةٌ من حيث الذات فكلامهم هذا صوابٌ لا شك ، وإن أرادوا أنها مترادفةٌ من حيث ما تدل عليه من الصفات فهذا باطلٌ مخالفٌ للمعقول والمنقول ، فالسمع غير العلم والقدرة غير البصر وهكذا ، وأما الذين قالوا : إنها من باب المتباين فإن أرادوا أنها من باب المتباين من حيث ما تدل عليه من الصفات فهذا كلامٌ صحيحٌ لا قدح فيه وإن أرادوا أنها من باب المتباين من حيث الذات فهو الكفر بعينه فالله تعالى واحدٌ لا شريك له في ذاته ولا في أسمائه وصفاته ، فصار الحق الذي لا مرية فيه هو قول أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى مترادفةٌ من حيث الذات متباينةٌ من حيث ما تدل عليه من الصفات ، فالذي يقول : إن ( العليم والسميع والبصير والقدير والمهيمن ) شيء واحد فهو مصيب إن أراد أنها تدل على ذاتٍ واحدة ، ومخطئٌ إن أراد أن كل اسمٍ منها يدل على عين الصفة التي دل عليها الآخر ، والذي يقول إن هذه الأسماء ليست شيئًا واحدًا هو مصيبٌ إن أراد أنها تدل على صفاتٍ متباينة ومخطئٌ إن أراد أنها تدل على ذواتٍ متعددة ، والله تعالى أعلى وأعلم .

جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان