صفات الله تعالـى ثبوتيةٌ ومنفيةٌ والثبوتية تنقسم إلـى ذاتيةٍ وفعليةٍ |
صفات الله تعالـى ثبوتيةٌ ومنفيةٌ والثبوتية تنقسم إلـى ذاتيةٍ وفعليةٍ
اعلم رحمك الله تعالى أن صفات الله تعالى إما أن تكون صفاتٍ منفية ، وإما أن تكون صفاتٍ مثبتة فإذا كانت صفات منفية فالواجب علينا فيها أمران : أولاً : أن ننفي الصفة المنفية وثانيًا أن نثبت كمال ضدها ، وقد مضى هذا الكلام ، إلا أن الذي أريد أن تنتبه له هو أن تعلم أن أهل السنة والجماعة لا يصفون الله تعالى بالنفي المجرد عن الإثبات الذي هو النفي المحض ، وذلك لأمور : منها : أن النفي المحض ليس بمدحٍ ولا كمال لأن النفي المحض عدمٌ محض والعدم المحض ليس بشيء وما ليس بشيء فهو كما قيل ليس بشيء . ومنها : أن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع ، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدحٍ ولا بكمال . ومنها : أن عامة ما في الكتاب والسنة من النفي إنما هو النفي الذي يتضمن كمال ضد الصفة المنفية ووصف الله تعالى بالنفي المجرد عن الإثبات مخالفٌ لطريقة القرآن والسنة وما خالفهما فهو باطلٌ . ومنها : أن نفي الشيء قد لا يكون لكمال ضده وإنما قد يكون للعجز عن فعله كما قال الشاعر : قبـيلةٌ لا يـغـدرون بذمـةٍ ولا يظلمون الناس حبـة خـردل فلهذا ولغيره كان مذهب أهل السنة والجماعة في النفي صفات النقص هو أنهم يصفون الله تعالى بالنفي المتضمن كمال ضد الصفة المثبتة . فهذا في شأن الصفات المنفية . وأما الصفات المثبتة فقد تقدم أن أهل السنة والجماعة يثبتونها على الوجه اللائق بالله تعالى من غير تكييفٍ ولا تعطيل ومن غير تحريفٍ ولا تمثيل ، وهي أكثر من الصفات المنفية والغالب فيها التفصيل كما مضى ، إذا علمت هذا فاعلم أن هذه الصفات التي أثبتها الله تعالى إلى نفسه نوعان : صفاتٌ ذاتية وصفاتٌ فعلية ، فالصفات التي لا يمكن أن تنفك عن الله تعالى بحال ، بل هو متصفٌ بها أزلاً وأبدًا هي الصفات الذاتية ، والصفات التي تتعلق بالمشيئة فمتى ما شاء الله فعلها ومتى ما شاء لم يفعلها فهي الصفات الفعلية وإليك بعض الأمثلة حتى تتضح : فمن الصفات الذاتية : العلم واليد والرجل والقوة والقدرة والحياة والألوهية والسمع والبصر ، وغيرها فهذه كلها من الصفات الذاتية لأنها ملازمة للذات لا تنفك عنها ولأنه لا يصح اتصاف الله بنقيضها . وأما الصفات الفعلية : فكالغضب والرضى والنزول إلى السماء الدنيا والاستواء ، وغيرها كل هذه من الصفات الفعلية التي تتعلق بمشيئة الله تعالى متى ما شاء الله فعلها ومتى ما أراد تركها . وفي ذلك قال الناظم : وصفات ربك باعتبار ثبوتها ودوامها أقسامها نوعــان ذاتيـة كالعلـم أو فعليـة وهي التي تنفك في الأحيان واعلم أن هناك من الصفات ما يكون من الصفات الفعلية باعتبار ومن الصفات الذاتية باعتبار كالكلام فهو من حيث أصله من الصفات الذاتية فالله تعالى لم يزل متكلمًا ، ومن حيث الآحاد من الصفات الفعلية فالله يتكلم متى شاء بما شاء ولذلك قال أهل السنة ( كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد ) وفي ذلك قال الناظم : آحـاده حادثةٌ فعلــــية وأصلــه قل : صـفـة ذاتيـة والضمير في قوله : ( آحاده ) يعود إلى الكلام . واعلم أن كل صفةٍ من صفات الذات يثبتها الله تعالى فإنه نفيٌ لضدها ونقيضها ، وكل صفةٍ ينفيها عنه فإنه إثباتٌ لضدها ونقيضها . والله أعلم . |