القاعدة الثالثة والثلاثون
كـل فعـل نـفـى الله الإيمـان عـن فاعلـه فلحرمته وكــل فعـل نفى الله الإيمـان عن تاركه فلوجوبه
وقد قرر هذه القاعدة شيخ الإسلام أبو العباس في كتابه : ( الإيمان ) تقريرًا لا نزيد عليه فرحمه الله تعالى ، وخلاصة ما ذكر أن للإيمان كمالين كمال واجب لابد منه ، وكمال مستحب ، ومثل على الكمال الواجب بالأفعال التي نفى الله الإيمان عن فاعلها أو الأفعال التي نفى الله الإيمان عن تاركها ، فإنها دليل على وجوبها أو حرمتها وهي منافية لكمال الإيمان الواجب ولذلك أمثلة كثيرة :
منها : قوله - e - : (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن )) متفق عليه من حديث أبي هريرة ، فالزنى والسرقة وسرب الخمر أفعال نفى الله الإيمان عن فاعلها فهو دليل على حرمتها وأنها منافية لكمال الإيمان الواجب ولذلك قال رسول الله - e - : (( إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلة فإذا خرج من ذلك الفعل عاد إليه الإيمان )) رواه الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة ، وقال أبو إسماعيل البخاري : ( لا يكون هذا مؤمنًا تامًا ولا يكون له نور الإيمان ) وأدل العلماء هذا الحديث بأنه لا يكون له كمال الإيمان الواجب ؛ أي لا يزني حين يزني وهو تام الإيمان التمام الواجب وهكذا في البقية .
ومنها : قوله - e - : (( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن )) . قالوا : من يا رسول الله . قال : (( من لا يأمن جاره بوائقه )) رواه مسلم ، فهذا فعل نفى الإيمان عن تاركه فدل على وجوبه فيجب على الإنسان أن يأمن جاره بوائقه وأن من لا يأمن جاره بوائقه فقد نقص إيمانه نقصًا ينافي التمام الواجب .
ومنها : قوله - e - : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )) فمحبة الرسول - e - واجبة التقديم على محبة الوالد والولد وأن من لم يفعل ذلك فقد نقص إيمانه نقصًا ينافي الكمال الواجب ؛ لأنه فعل نفى الله الإيمان عن تاركه فدل على وجوبه .
والأمثلة كثيرة والضابط أن تنظر في هذا الفعل فإن علق على فعله نفي الإيمان فهو دليل حرمته وإن علق على تركه نفي الإيمان فهو دليل وجوبه . والله أعلم .
|