يجب الإيمان بالشفاعة التي دل عليها الدليل الصحيح |
القاعدة السادسة والثلاثون يجب الإيمان بالشفاعة التي دل عليها الدليل الصحيح
وهذه القاعدة أيضًا من مميزات أهل السنة والجماعة فإن أهل السنة والجماعة يؤمنون بجميع الشفاعات التي دل عليها الدليل وأما غيرهم فإنهم ينكرون بعضها كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - ، فالشفاعة لغة : ضد الوتر وهي ضم شيء إلى شيء . وشرعًا : طلب الخير للغير بجلب محبوب أو دفع مكروه ، واعلم أنه قد أثبت الدليل ثماني شفا عات يجب أن تؤمن بها كلها منها ما هـو خـاص ومنهـا ما هـو عـام ، فالشفـاعـات الخاصـة ثـلاث : الأولى : الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود المراد بقوله تعالى : } عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودا { ، ودليلها حديث أبي هريرة الطويل المتفق عليه ، الثانية : شفاعته - e - لأهل الجنة ليدخلوا الجنة فإن أهل الجنة يأتونها وأبوابها مغلقة فلا يفتح الخازن إلا للنبي - e - فعن أنس قال : قال رسول الله - e - : (( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن مـن أنت فأقـول مـحمد فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك )) ، والثالثة : شفاعته - e - في عمه أبي طالب وهي شفاعة تخفيف لا إخراج وهي خاصة بأبي طالب وإلا فالشفاعة في المشركين لا يؤذن بها فعن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله هل نفعت أب طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك . قال : (( نعم هو في ضحضاح من نار ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار )) وفي رواية : (( إن أهون أهل النار عذابًا لرجل توضع في قدميه جمرة من نار يغلي منها دماغه وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عذابًا )) ، فهذه الثلاث خاصة بالرسول - e - ، قال الناظم : وعليك إثبات الشفاعة إن أتت في السنة الغراء والقرآن كشفاعة المختار في فصل القضا وبعمه ودخولهم بجنـان وبرفعة الدرجات في دار الرضى وبمن أتى بكبائر العصيان لا يدخلون النار أو أن يخرجوا بعد الدخول لجنة الرحمن وشروطها إذن الإله كذا الرضى ودليلها في النجم دون تواني وأما بقية الشفاعات فهي عامة للأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين من المؤمنين وهي كما يلي : شفاعتهم فيمن استحق النار أن لا يدخلها ، وشفاعتهم فيمن دخلها أن يخرج منها وهي التي تنكرها المعتزلة والخوارج وأحاديثها متواترة لفظًا ومعنى ، وشفاعتهم في أهل الأعراف ، وشفاعتهم في رفع درجات بعض المؤمنين في الجنة ودليلها حديث أم سلمة في مسلم في دعائه لأبي سلمة ، والشفاعة في قومٍ يدخلون الجنة بغير جزاء ولا عذاب ، ودليلها متفق عليه من حديث حصين بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير عن ابن عباس ، فيجب عليك أن تؤمن بهذا كله إيمانًا خاليًا من الزلل ، ثم اعلم أنه لا يملك أحد الشفاعة عند الله تعالى إلا بعد شرطين الإذن والرضى قال تعالى : } من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه { قال تعالى : } لا يشفعون إلا لمن ارتضى { وجمع بينهما في قوله : } وكم من ملَك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن الله لم يشاء ويرضى { . ومن هنا نعرف خطأ الذين يطلبون الشفاعة من أوليائهم وشياطينهم فقد قال تعالى : } ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى { فكل شفاعة فيها شرك فإنها منتفية يوم القيامة ، والله تعالى أعلى وأعلم . |