المعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء

القاعدة السابعة والثلاثون

المعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء

 

المعجزة هي : الأمر الخارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي أنبيائه ورسله تصديقًا لهم بدعواهم الرسالة ، بل هي الفرق بين الصادق والكاذب ، وهذه المعجزات الابتدائية هي التي يجريها الله تعالى على يـد الرسـل ابتداءً أي بـلا طلب مـن المدعوين كإنزال القرآن على النبي - e - فهو معجزة وقريش لم تطلب ذلك ، وكذلك تكوين الطير والنفخ فيه وإحياء الموتى هي معجزة عيسى - عليه الصلاة والسلام - أجراها الله تعالى على يديه بلا طلب من بني إسرائيل وهكذا ، وأما المعجزات الطلبية فهي المعجزة التي لم يجرها الله تعالى على أيدي رسله إلا بعد طلب قومهم ذلك فمن ذلك أن المشركين طلبوا من النبي - e - شق القمر فشق القمر فهي معجزة جاءت بعد طلب قال تعالى : } اقتربت الساعة وانشق القمر { ومنه الناقة وهي معجزة نبي الله صالح جاءت بعد طلب قومه قال تعالى : } فأت بآية إن كنت من الصادقين قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم { وهي كثيـرة ، وليست كـل ما طلبـه القـوم أجابهـم الله تعالى له ، بل قد يسألـون ولا يـجـابون كمـا قال تعـالـى : } وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ... { الآيات ، ولم يجابوا لشيء منها . واعلم أن معجزات الأنبياء تكون مناسبة لما يعرفه القوم واشتهروا به ، فقريش اشتهروا بالفصاحة التي فاقوا بها العرب فأنزل الله تعالى القرآن بلسان عربي مبين من أفصح الكلام وأبينه وأبلغه ، بل ومع هذا تحداهم أن يأتوا بمثله أو بعشر سور أو بسورة ، ولم يقدروا على ذلك . وكذلك قوم موسى لما اشتهروا بالسحر وعمله حتى برعوا فيه جعل الله تعالى معجزة موسى - u - من باب تغيير الحقائق لكن ليس سحرًا وإنما هو حقيقة ، حتى رأى السحرة من ذلك فكانوا أول من آمن لعلمهم أنه لا يقدر على هذا بشر . ولما كان قوم عيسى مشتهرين بالطب أجرى الله تعالى على يد نبيه عيسى - u - أمورًا من الطب لكن طب رباني من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وهكذا . واعلم أن كل المعجزات انتهت بانتهاء وقتها إلا معجزة نبينا - e - التي هي القرآن فإنها معجزة خالدة إلى قيام الساعة .

وأما الكرامة : فهي أيضًا أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على أيدي أوليائه إظهارًا لشرفهم وقدرهم عنده ، وهي كثيرة جدًا فمنها كرامة الصديقة مريم ، وهي أنها ولدت نبيًا بلا زواج ، ومن ذلك نداء عمر وهو في المدينة : ( يا سارية الجبل وهو في الشام فسمعه ) ، وهـو كثير يراجع فيه كتاب اللالكائي وهو مطبوع مع كتابه شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة . إلا أنه ينبغي التنبيه على أمرين مهمين :

الأمر الأول : لا ينبغي طلب الكرامة وليس منهجًا شرعيًا وإنما قلت هذا لأن بعض أهل البدع يبحثون عنها فبعضهم يحجر نفسه مع حية ويمسكها إذا لم تلدغه ادعى أنها كرامة وبعضهم يحبس نفسه مع أسد وبعضهم يمر في النار كل هذا بحثًا عن الكرامة وهذا ليس هو منهج السلف ، بل السلف تعبدوا الله تعالى لا بحثًا عن الكرامة إنما إخلاصًا لله تعالى ومتابعة للنبي - e - ، فإذا جاءت الكرامة لم يعرفوا بأنها كرامة إلا بعد مرورها وهذا هو الصواب . فمن يتعبد لله تعالى بحثًا عن الكرامة فهو على خطر عظيم إذ مبنى الأعمال على الإخلاص والمتابعة .

الأمر الثاني : النظر فيمن يدعي الكرامة أي النظر في هذا الذي وقعت منه الكرامة فإن كان على منهج السلف الصالح في العقيدة والعمل فهي كرامة رحمانية وإن كان من المبتدعة الضلال الذين خالفوا شرع الله تعالى عملاً ومعتقدًا فهؤلاء كذابون فيما ادعوه وإن ظهر على أيديهم بعض خوارق العادة فإنما هي تلبيس من الشياطين والجن حتى يفتنوا الناس به ، بل ذكر شيخ الإسلام أبي العباس أن أحدهم قد يمشي على الماء أو يطير في الهواء أو يدخل الجمر في فيه أو يمر في النار وكل هذا أحوال شيطانية وخوارق إبليسية فاحذر منهم فإن كثيرًا من الناس ضلوا بهذا الفعل ضلالاً بعيدًا ، إذا علمت هذا فاعلم أن مذهب أهل السنة والجماعة هو الإيمان بمعجزات الأنبياء والتصديق بكرامات الأولياء وأن المقصود من المعجزات إظهار صدق الأنبياء والمقصود من الكرامات إظهار شرف الأولياء ، قال الناظم :

ونـؤمـن بمعجـزات الأنبيـا          كــذا كـرامـات عبـادٍ أوليـا

جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان