القاعدة الثالثة والأربعون
الأصل هو إحسان الظن بالمسلمين
بل هذه من حق المسلم على المسلم أن يحسن الظن به ولا يتهمه بمجرد الإشاعات أو أقوال لا سند لها ، بل الواجب أن نحسن الظن بكلامه وأن نحمل عبارته محملاً حسنًا وعلى المعنى الأقرب إلى المعنى الطيب .
فقد أمرنا بإحسان الظن بالمسلمين ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : رأيت النبي - e - يطوف بالكعبة يقول : (( ما أطيبك وأطيب ريحك وما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن لا يظن به إلا خيرًا )) رواه ابن ماجة ، ففي هذا الحديث حث على تغليب إحسان الظن والابتعاد عن ضده وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب - t - : ( ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً ) وعن سعيد بن المسيب قال : كتب إلي يعض إخواني من أصحاب رسول الله - e - : ( أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتيك ما يغلبك ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك شرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً ) ، ومن الصور الجميلة التي تذكر في هذا المجال أن الربيع بن سليمان أحد تلامذة الشافعي دخل على الشافعي وهو مريض فقال له : ( قوَّى الله ضعفك ) . فقال الشافعي : لو قوى الله ضعفي لقتلنـي . فقال الربيع : ( والله ما أردت إلا الخير ) . فقال الشافعي : أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير .
فقد يـخطئ الرجـل ويستعمل كلمـة مـحتملـة أو فـي غير مـحلها ولكنه لا يقصد الـمعنى الخبيث ولابـد من النظر إلى مقصد الرجل وأحوالـه كما قالـه غير واحدٍ من أهـل العلـم ، لكن إذا نظرت إلـى أحـوال بعض النـاس وجدتهم يقلبـون هذا الأصل ويجعلون إساءة الظـن بالنـاس هـي الأصـل عندهـم وهذا مـخالـف للأدلـة ، فلا تراهـم يسمعـون كلمـة تحتمل مائة احتمـال صـواب واحتمـالاً واحدًا خطـأ إلا يحملونها على هذا الواحد وهذا فيه من سوء النية وحنث الطوية وفساد المقصد الشيء الكثير .
فالواجب هو إحسان الظن إلا إذا ظهر خلاف ذلك فمن أظهر لنا سوء النية فمن السذاجة أن نحسن الظن به ، لكن من لم يعرف عنه إلا الخير والصلاح وخدمة العلم والدين فالواجب هو إحسان الظن به ، والله أعلم .
|