كلام الأقران يطوى ولا يروى

القاعدة الرابعة والأربعون

كلام الأقران يطوى ولا يروى

 

ونعني بالأقران أي الذين تساووا في السن والعلم فإن الإنسان مجبول على حب الظهور وخاصة على أبناء جنسه ، فإذا رأى من في سنه قد فاقه في العلم والزهد والتفات أنظار الناس إليه فإنـه سوف يـحس من نفسـه الغيرة من هذا الرجل فتجده يقدح فيه من حيث يشعر أو لا يشعر حتى يصرف أنظـار النـاس إليه فهـذا الكلام حقه أن يطوى أي لا يقبل ولا يذكر ولا يروى أي لا يقال : إن فلانًا يقول في فلان كذا وكذا ، وهذه قاعدة يقررها علماء السلف وجهابذة الجرح والتعديل ، قال ابن عباس : ( خذوا العلم حيث وجدتم ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم في بعض فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة ) ، وقال مالك بن     دينار : ( يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض فإنهم أشد تحاسدًا من التيوس ) ، وقال الذهبي : ( كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصمه الله تعالى وما علمت أن عصرًا من العصور سلم منه أهله من ذلك ، سوى الأنبياء والصديقين ولو شئت لسردت في ذلك كراريس ) وهذه القاعدة تعتبر من قواعد العدل والإنصاف ، فمن الظلم أن نستشهد بكلام الأقران بعضهم في بعض والأمثلة على ذلك مذكورة في كتب الجرح والتعديل وكتب سير الأعلام وخاصة سير أعلام النبلاء ، والله أعلم .

 

جميع الحقوق محفوظة الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان