الرئيسية قواعد دعوية

القاعدة الثانية والثلاثون :- من علم شيئا وجب عليه الدعوة إليه بقدره .

القاعدة الثانية والثلاثون :- من علم شيئا وجب عليه الدعوة إليه بقدره .

تاريخ النشر: الثلاثاء, 03 يناير 2017 - 18:53 مساءً | عدد المشاهدات: 442
تبليغ عن رابط معطوب

القاعدة الثانية والثلاثون :- من علم شيئا وجب عليه الدعوة إليه بقدره .

أقول :- إن الدعوة إلى الله تعالى واجبة على المسلم ، ولكن هذا الوجوب يختلف باختلاف أحوال المسلم في العلم ، والضابط في هذا أن من تعلم شيئا من العلم وعرفه على وجهه الصحيح فإن الواجب عليه أن يدعو غيره له ، وليس بشرط أن يكون راسخا في العلم حتى تجوز له الدعوة ، لا ، بل من علم أمرا من أمور الدين على وجهه المعتمد عند أهل العلم رحمهم الله تعالى فإنه يجب عليه الدعوة بقدر ما يعلمه من العلم ، فمن كان عارفا بصفة الوضوء بدليلها مثلا ، فله الدعوة في هذه الجزئية ، ومن كان عارفا بكتاب الطهارة مثلا ، فالواجب عليه الدعوة إلى الله تعالى في هذه الجزئية من الدين ، وهكذا فمن دعا إلى الله تعالى فيما يتقنه من العلم فلا لوم عليه ، ولكن لا يتجاوز الحد فيدعو إلى الله تعالى على الجهل والتخرص والظنون الكاذبة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، وعلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرءا سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها ... الحديث "(1) والشاهد منه أنه دعا لمن أدى عنه المقالة الواحدة التي سمعها ، ولكن عليه أن يؤديها كما سمعها ، وهذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم دليل على صحة هذا الفعل ، فلو كانت الدعوة لا تحل إلا في حق الراسخين في العلم لما كان لهذا الدعاء وجه ، فتأمل هذا ، ولكن كما قلنا سابقا في قاعدة ( العلماء هم الدعاة ) من أن كل من عرف وعلم أمرا من الدين فهو عالم فيه ، والعلم يتجزأ ، والاجتهاد يتجزأ في أصح قولي أهل العلم رحمهم الله تعالى ، وقال عليه الصلاة والسلام " بلغوا عني ولو آية "(2) وهذا دليل على أن البلاغ واجب على قدر ما يعلمه الإنسان ، وهذا هو القول الوسط ، فإن من الناس من لا يرى تبليغ العلم واجبا إلا إذا بلغ الإنسان رتبة كبيرة في العلم ، وهذا فيه نوع غلو ، ومن الناس من يرى أن كل مسلم عليه البلاغ حتى وإن لم يكن ذا علم ، كما هو حال بعض الجماعات التي تنتسب للإسلام ، فإنهم يأمرون رعاياهم حديثي التوبة بالدعوة إلى الله تعالى مباشرة ، ويخرجون بهم إلى الدعوة إلى الله تعالى  ويأمرونهم بإلقاء الكلمات بحجة أن من قام في الدعوة فالله تعالى يفتح عليه ،وهذا فيه تفريط وقصور  والوسط هو الخير وهو أن كل من تعلم مسألة من العلم وأتقن تعلمها فالواجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى بقدر ما عنده من العلم ، ولا يجوز له أن يتكلف ما لا علم به ، ولما تعلم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه أركان الإسلام من النبي صلى الله عليه وسلم قال له : وأنا رسول من ورائي من قومي , فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا ، ولم يقل له : حتى تستكثر من العلم ، فدعا قومه بما تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وجاء بهم ينطقون الشهادة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويبايعونه  فالدعوة مربوطة بالعلم، فمن علم أمرا من أمور الدين وجبت عليه الدعوة فيه بقدره ، والله ربنا أعلى وأعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

(1) أخرجه الترمذي رقم 2659 ، وابن ماجة 1/84 من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وفي الباب عن زيد بن ثابت ، عند الترمذي وابن ماجة ، وصححه ابن حبان في صحيحه ، وعن جبير بن مطعم عند أحمد وابن ماجة .

(2) حديث صحيح , أخرجه البخاري (3461) والترمذي (2669) والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (398) والترمذي (2669) و أحمد (2/159) (6486) .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

القاعدة الخامسة والخمسون :- من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، والعكس بالعكس .

تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 3 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون :- من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، والعكس بالعكس . أقول :- وهي نص حديث في الصحيح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال " مَنْ دعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مِثْلُ أجور مَنْ تَبِعَهُ لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ض ..

القاعدة الرابعة والخمسون :- إتيان المدعوين في محالهم مطلب في الداعية .

تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 3 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون :- إتيان المدعوين في محالهم مطلب في الداعية . أقول :- إن الداعية شأنه شأن الغيث ، ومن وصف الغيث أنه يدور في سماء البلاد لينزل الله تعالى به المطر النافع للبلاد والعباد ، فتخضر به أرضهم ، وتزدان به بلادهم ، فالداعية كالغيث ، لا بد وأن يسير في البلاد للدعوة إلى الله تعالى ، ..

القاعدة الثالثة والخمسون :- كشف الشبهات مسلك للوقاية من قبيح العمل والاعتقاد .

تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 3 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون :- كشف الشبهات مسلك للوقاية من قبيح العمل والاعتقاد . أقول :- لا يزال أهل العناد والجهل والكبر يجلبون بخليهم ورجلهم على هذه الشريعة المباركة بالتشكيك وبث الشبه بين العامة والخاصة ، وإن بث الشبه على الحق من المناهج الخطيرة التي قد خصص لها الكفار طائفة منهم ، لا هم لهم إلا ..

القاعدة الثانية والخمسون :- ضرب الأمثال وتقريب العلم من أصول الدعوة إلى الله تعالى .

تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 3 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون :- ضرب الأمثال وتقريب العلم من أصول الدعوة إلى الله تعالى . أقول :- إن دعوتنا لا بد وأن تكون منبثقة من منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في تقرير المسائل ، سواء منها المسائل العقدية أو العملية أو الوعظ والترغيب والترهيب ، فالوحيان الكريمان المطهران قد ذكر فيهما جم ..

القاعدة الحادية والخمسون :- الترويح والترفيه لا بد وأن يكون مبنيا على الوسطية والاعتدال .

تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 3 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون :- الترويح والترفيه لا بد وأن يكون مبنيا على الوسطية والاعتدال . أقول :- إن النفوس تمل ، وتحتاج إلى فترات من الترويح والترفيه ، فالترويح أمر مشروع في الإسلام ، ولا بد منه بين فترة وأخرى ، ليعيد للنفس نشاطها وحيويتها فتقبل على العمل بجد واجتهاد ، جاء في الحديث "روحوا ..