الرئيسية قواعد العقيدة

الأعيان المضافة إلى الله تعالى إن كـانت لا تقوم بذاتهافإضافـة صفـة وإلا إضافة تشريف وتكريم

الأعيان المضافة إلى الله تعالى إن كـانت لا تقوم بذاتهافإضافـة صفـة وإلا إضافة تشريف وتكريم

تاريخ النشر: الخميس, 19 يناير 2017 - 21:08 مساءً | عدد المشاهدات: 1,568
تبليغ عن رابط معطوب

 

القاعدة الخامسة عشرة

الأعيان المضافة إلى الله تعالى إن كـانت لا تقوم بذاتها فإضافـة صفـة وإلا إضافة تشريف وتكريم

 

اعلم رحمك الله تعالى أن الله تعالى في كتابه الكريم يضيف بعض الأشياء إلى نفسه إما تصريـحًا باسم الجلالة وإما بالضمير ، فماذا تعني هذه الإضافة ؟ هل لها ضابطٌ معينٌ    مطرد ؟

الجواب هو هذه القاعدة فنقول :

إن الأعيان التي يضيفها الله تعالى إلى نفسه نوعان :

الأول : أشياءٌ تقوم بنفسها ، والثاني أشياء لا تقوم بنفسها بل لا يتصور العقل أن تقوم إلا بغيرها ، فإذا أضاف الله تعالى الأعيان التي تقوم بنفسها فإن هذه الإضافة تعتبر إضافة تكريمٍ وتشريف أو إضافة عبودية أو إضافة خلقٍ باعتبار المضاف ، وهذا له أمثلةٌ كثيرة في كتاب الله تعالى فمن ذلك قول الله تعالى : } هذه ناقة الله لكم آية { فقد أضاف الله تعالى في هذه الآية الكريمة الناقة إلى نفسه فقال : ( ناقة الله ) فلننظر أولاً إلى المضاف هل هو يقوم بنفسه أم لا ؟ بالطبع أن الناقة مما يقوم بنفسه فعلى هذا فالإضافة هنا تكون إضافة تشريفٍ وتكريمٍ لهذه الناقة وإظهارًا لعظمتها ، وليست إضافة صفة إذ لا يجوز أن نقول إن الناقة من صفات الله تعالى لأنه أضافها إلى نفسه ، لأن الناقة ذاتٌ مستقلةٌ لا تقوم بغيرها وإنما تقوم بنفسها .

ومن الأمثلة قوله تعالى : } وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود { ففي هذه الآية أضاف الله تعالى البيت الحرام إلى نفسه فقال : ( بيتي ) ومن المعلوم أن البيت الحرام مستقلٌ عن الله تعالى بل هو قائمٌ بنفسه مستقلٌ عن غيره فإضافته هنا إضافة تشريفٍ وتعظيم .

ومن ذلك قول الله تعالى : } فأرسلنا لها روحنا فتمثل لها بشرًا سويا { فأضاف الله تعالى جبريل إلى نفسه لأن المراد بالروح هنا جبريل ، ومن المعلوم أن جبريل - u - ذات منفصلة عن الله تعالى قائمٌ بنفسه فهذه الإضافة إضافة تشريفٍ وتكريم .

ومن ذلك قول الله تعالى : } ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين { فهنا أضاف الله تعالى النبي - e - إلى نفسه ومن المعلوم أن النبي - e - منفصل عن الله تعالى كل الانفصال وأنه ذاتٌ مستقلةٌ قائمةٌ بنفسها فالإضافة هنا إضافة تكريم وتشريف . والأمثلة على هذه الإضافة كثيرة يطول المقام بتتبعها .

وأما إذا أضاف الأشياء التي لا يتصور قيامها بنفسها فاعلم أن هذه الإضافة إضافة صفةٍ إلى موصوف ، ومن الأمثلة على ذلك : قول الله تعالى : } ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ { فقد أضاف الله تعالى اليدين إلى نفسه الكريمة ونحن لا نتصور يدين إلا بعد تصورنا لمن قامت به فهي لا تقوم بنفسها ، بل لا بد من محلٍ لتقوم به ، فهي إضافة عين لا تقوم بنفسها فهي إذًا إضافة صفة إلى موصوف فالله تعالى متصفٌ بصفة اليدين .

ومن ذلك قول الله تعالى : } ورحمتي وسعت كل شيء { فقد أضاف الله تعالى هنا الرحمة إلى نفسـه والرحمة لا تقـوم بذاتهـا ، بل لا بـد من محل لتقـوم فيـه فلا نتصـور رحمةً تمشي على الأرض ، فهي إذا من باب إضافة الأعيان التي لا تقوم بذاتها فهي إضافة صفةٍ إلى موصوفٍ .

ومن ذلك  قول الله تعالى : } ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام { والوجه لا يمكن أن يقوم إلا في غيره فهي إذًا إضافة صفة .

ومن ذلك قوله تعالى : } فأجره حتى يسمع كلام الله { فقد أضاف الله تعالى الكلام إلى نفسه والكلام لا يقوم إلا بالمتكلم فهي إذًا إضافة صفة إلى موصوف ، وبهذا يرد على من  قال : إن الكلام ذاتٌ قائمةٌ بنفسها ، منفصلٌ عن الله تعالى كل الانفصال ، فهذا القول مخالفٌ للمعقول إذ العقل لا يمكن أن يتصور كلامًا مستقلاً عن المتكلم ، لأن الكلام صفة للمتكلم والصفة لا يعقل أن تفارق الموصوف ، بل ومخالفٌ للمنقول ، لأنه يقتضي نفي صفة الكلام عن الله    تعالى . قال الناظم :-

وإذا أضاف الله عيناً لا تقو         مُ بذاتها فالوصف للرحمن

وإذا تقوم بذاتها فإضافة ال          تشريـف يا إخوانـي

 والأمثلة على ذلك كثيرة وفيما مضى كفايةٌ - إن شاء الله تعالى -  والذي دعانا لتقرير هذه القاعدة : أن المبتدعة يقولون : إن إضافة اليد والوجه والكلام والعين والعلم إلى الله تعالى كإضافة الناقة والبيت إليه ويقصدون بذلك أنها إضافة تشريف وتكريم لا إضافة صفة إلى موصوف فاضطر أهل السنة إلى الرد عليهم بالتفريق والتمييز بين هاتين الإضافتين وبيان مدلول كل واحدة منها ، نسأل الله تعالى أن يمن علينا بمتابعة كتابه ظاهرًا وباطنًا وبمتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم في العمل والاعتقاد ، فإنها والله هي السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة وهي أعني الهداية إلى الصراط المستقيم من أعظم النعم على ابن آدم فاسأل ربك دائمًا أن يجعلك من الهادين المهتدين ، والله تعالى أعلى وأعلم .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها   وهذا هو معتقد الموحدين أن أمور العبادة حق محض لله تعالى ليس لأحد فيه شرك أو واسطة ، قال تعالى : } فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص { ، وقال تعالى : } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخ ..

الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها   اعلم أن الصفات باعتبار نفيها عن الله تعالى وإثباتها له ثلاثة أنواع : الأول : صفات هي كمال من كل وجه كالعلم والحياة والبصر والسمع والقدرة والقوة ، فهذه تثبت لله تعالى م ..

زيارة القبور شرعية وبدعية

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون زيارة القبور شرعية وبدعية   فالشرعية : هي ما كان قصد الزائر فيها ثلاثة أمور : الأول : أن يدعو للميت أي أن ينفع الميت بدعائه وقد كان النبي - e - يأتي للمقبرة ويدعو للأموات ، الثاني : أن يقصد الزائر الذكر بهذا المنظر وأنها المثوى لكل البشر ويدل عليه قوله - e - : ..

كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر   فتحرم وسائل الشرك الأكبر كلها ؛ لأنها شرك أصغر فتحريم الشرك الأصغر إذًا ليس تحريم مقاصد وإنما هو تحريم وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد ، قال الناظم : وسائل الأحكام تبع المقصد        ..

قاعدة دخول الرياء في الأعمال

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون قاعدة دخول الرياء في الأعمال   اعلم أن الرياء هو العمل للغير تزينًا وهو محرم ، بل هو الشرك الأصغر ففي الحديث :         (( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) فسئل عنه قال : (( الرياء )) فما الحكم لو دخل الرياء في العمل ؟ ..