الرئيسية قواعد العقيدة

العدل أكبر مقاصد الشرع

العدل أكبر مقاصد الشرع

تاريخ النشر: السبت, 21 يناير 2017 - 03:31 صباحاً | عدد المشاهدات: 738
تبليغ عن رابط معطوب

القاعدة الخمسون

العدل أكبر مقاصد الشرع

 

وهذه القاعدة تبين أن هذه الشريعة وسط بين الجافي والغالي وبين الـمُفْرِطْ والـمُفَرِّطْ ، وذلك أن العدل من أكبر الأشياء التي اهتمت بتقريرها هذه الشريعة العظيمة ، فالتوسط سمة ظاهرة في هذا الدين وفي هذه الأمة حيث حضها الله تعالى بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب فالشرع مبناه على العدل والاقتصاد ، والتوسط الذي هو خير الأمور وأعلاها كالفردوس الذي هو أعلى الجنة وأوسط الجنة فمن كـان في اعتقـاده وعبادتـه معتدلاً فمصيره إليها - إن شاء الله تعالى - .

وأدلة هذه القاعدة كثيرة جدًا ، فمنها قول الله تعالى : } وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على النـاس ويكـون الرسول عليكم شهيدا { والوسطية هنا من أعظم ما تـمتاز بـه هـذه الأمة - زادها الله تعالى شرفًا ورفعة - ، قال العلماء : أي خيارًا عدولاً ، وكذلك حديث أنس قال : جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي - e - يسألون عن عبادته فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها فقالوا : وأين نحن من رسول الله  - e - فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما   تأخر . قال أحدهم : ( أما أنا فإني أصلي الليل ولا أنام أبدًا ) . وقـال آخـر : ( أنا أصوم الدهر ولا أفطر ) . وقال آخـر : ( أنا أعتـزل النسـاء فلا أتزوج أبدًا ) ، فجاء رسول الله - e - فقال : (( أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم منه وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني )) متفق عليه ، وهذا الحديث ظاهر الدلالة في أن المطلوب هو العدل في العبادة فلا إفراط كما قال هؤلاء ولا تفريط فتترك التطوعات وإنما الموازنة فيقوم وينام ويصوم ويفطر ويتزوج النساء فلا رهبانية في الإسلام ، هذا والله هو عين العدل ، ويؤيده أيضًا قوله - e - : (( إن لربك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لأهلك عليك حقًا فـآت كل ذي حقٍ حقه )) فلا يطغوا حق على حق ، ويؤيده أيضًا نهيه - e - لعبد الله بن عمر بن العاص عن صيام الدهر ورخص له بعد المراجعة في أن يصـوم يومًا ويفطر يومًا ، ويؤيده أيضًا حديث بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله - e - : (( عليكم هديًا قاصدًا فإنه من يشاد الدين يغلبه )) أخرجه أحمد في المسند ، وحديث أبـي هريـرة : ( سددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلـجة ) فهـذه الأحاديث وغيرها دالـة على أن الـمشروع المأمور به الذي يحبه الله ورسوله - e - هو الاقتصاد والعدل في العبادة وكذلك الاعتقاد وما خرج عن حد الاعتدال فهو مذموم سواء كان إلى التفريط أو إلى الإفراط وهذه القاعدة يتفرع عليها فروع كثيرة منها : أن ما عليه الصوفية الآن من الضلال الواضح ليس من دين الله تعالى في شيء يحملون أنفسهم أوزارًا من العبادات ليس لها خطام ولا زمام فتراهم يثقلون كاهلهم بذلك فيسيح أحدهم في البراري ويعاشر الأفاعي والوحوش ويطيل الصمت كل هذا حتى يصل إلى مرتبة الكشف وخوارق العادة فهذا الفعل ليس من الدين في شيء ؛ لأنه خروج عن العدل وبعضهم يصلي في الليلة ألف ركعة أو أكثر أو أقل وهذا تحميل للنفس ما لا تحتمل فإنه      - e - لم يكن يزيد على إحدى عشرة ركعة وهو أخشانا وأتقانا .

ومن ذلك أن من أسرف على نفسه بسرد الصيام ومداومة قيام الليل حتى أضعفه ذلك عن القيام بالواجبات فهو مخطئ آثم مستحق للعقاب .

ومن ذلك اعتقاد أهل السنة في الولاة فهو بين طرفين جافٍ وغالٍ فالجافي أطاعهم في المعصية ، والغالي أمر بالخروج عليهم بمجرد الكبائر والمعتدل قال : لا طاعة لهم فيما إذا أمروا بمعصية ولا يجوز الخروج عليهم بمجرد الكبائر إلا إذا رأينا كفرًا عندنا فيه من الله برهان وغلب الظن النصر وإلا فلا وقد تقدم طرف من الفروع في قاعدة الوسطية . والله أعلم .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها   وهذا هو معتقد الموحدين أن أمور العبادة حق محض لله تعالى ليس لأحد فيه شرك أو واسطة ، قال تعالى : } فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص { ، وقال تعالى : } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخ ..

الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها   اعلم أن الصفات باعتبار نفيها عن الله تعالى وإثباتها له ثلاثة أنواع : الأول : صفات هي كمال من كل وجه كالعلم والحياة والبصر والسمع والقدرة والقوة ، فهذه تثبت لله تعالى م ..

زيارة القبور شرعية وبدعية

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون زيارة القبور شرعية وبدعية   فالشرعية : هي ما كان قصد الزائر فيها ثلاثة أمور : الأول : أن يدعو للميت أي أن ينفع الميت بدعائه وقد كان النبي - e - يأتي للمقبرة ويدعو للأموات ، الثاني : أن يقصد الزائر الذكر بهذا المنظر وأنها المثوى لكل البشر ويدل عليه قوله - e - : ..

كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر   فتحرم وسائل الشرك الأكبر كلها ؛ لأنها شرك أصغر فتحريم الشرك الأصغر إذًا ليس تحريم مقاصد وإنما هو تحريم وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد ، قال الناظم : وسائل الأحكام تبع المقصد        ..

قاعدة دخول الرياء في الأعمال

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون قاعدة دخول الرياء في الأعمال   اعلم أن الرياء هو العمل للغير تزينًا وهو محرم ، بل هو الشرك الأصغر ففي الحديث :         (( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) فسئل عنه قال : (( الرياء )) فما الحكم لو دخل الرياء في العمل ؟ ..