شروط التوبة
الحمد لله وبعد :ــ فقد طلب مني بعض الأعضاء بيان شروط التوبة فأقول :ــ لقد نص أهل العلم على أن شروط التوبة كما يلي :ــ الأول :ــ الإخلاص لله تعالى ، ذلك لأن التوبة عبادة ، وقد تقرر في القواعد أن النية شرط لصحة كل عبادة ، فلا تصح التوبة إلا إن كان الدافع لها الخوف من الله تعالى ورجاء ما عنده ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ... الحديث " فلا يكون قصده بتوبته شيئا من حظوظ الدنيا وملذاتها والتي لا يتوصل لها إلا بإظهار التوبة ، والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، الثاني :ــ أن تكون التوبة واقعة في زمن المهلة والإمكان ، وكل أوقات العمر صالحة للتوبة إلا إن ظهرت علامتان ، إذا غرغرت الروح وبلغت الحلقوم ، فلا ينفع حينئذ التوبة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " رواه الترمذي بسند حسن ، ولذلك لم يقبل الله تعالى توبة فرعون لما تاب ، لأنه قد فاته زمن المهلة والإمكان ، وأن تقع التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها ، لقوله تعالى " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " قال المفسرون :ــ المراد بذلك طلوع الشمس من مغربها ، وقال عليه الصلاة والسلام " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، الثالث :ــ الإقلاع عن الذنب فورا ، فلا تقبل التوبة مع التأخير ، لأن هذا التأخير دليل على عدم الندم وعدم الرغبة في التوبة حتى وإن ادعاها بلسانه فإن فعله يخالف قوله ، الرابع :ــ الندم على ما فات ، لأن التوبة حقيقتها استشعار القلب خطورة الذنب ولوم النفس على أوقات الغفلة والمعصية ، فمن لم يندم على ذنبه فهو في الحقيقة لم يتب ، وبعض الناس ــ والعياذ بالله ــ قد يفتخر بالذنب ، ويذكره على وجه الافتخار والفرح ، وهذا توبته مردودة عليه ، قال عليه الصلاة والسلام " الندم توبة " الخامس :ــ العزم على عدم العودة ، لأن بعض الناس قد يتوب ، ولكن يحدث نفسه أنه متى تمكن من مواقعة الذنب مرة أخرى عاد إليه ، وهذا في الحقيقة توبة اللعابين الذين لم يقدروا الله تعالى حق قدره ، السادس :ــ رد الحقوق إلى أهلها ، سواء الحقوق المعنوية أو الحسية ، كالتحلل من غيبتهم والنميمة عليهم إن لم يكن في إخبارهم بذلك مفسدة راجحة ، وإلا فيستغفر لهم ويذكرهم بخير في المجالس التي اغتابهم فيها ، وبرد الديون إلى أهلها والمسروقات إلى أصحابها ، إن كان يعلمهم ، إو بالصدقة بها بنيتهم ، وبتمكين ِمنه ، ونحو ذلك ، والمقصود أن الإنسان ينبغي له أن بيادر بالتوبة من كل ذنب ، ولا أحسن من التوبة العامة ، وليكثر من قول الذكر الوارد في حديث ( سيد الاستغفار ) وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، ومعذرة على الإطالة ، وأشهد الله تعالى أنني أحبكم فيه ، والسلام عليكم ،،،،
التعليقات