الرئيسية قواعد العقيدة

ما لم يرد فيه دليل بخصوصه فلا نثبت لفظه ولا ننفيه ونستفصل في معناه ، فإن أُريد به حقٌّ قبلناه وإن أًريد به باطلٌ رددناه

ما لم يرد فيه دليل بخصوصه فلا نثبت لفظه ولا ننفيه ونستفصل في معناه ، فإن أُريد به حقٌّ قبلناه وإن أًريد به باطلٌ رددناه

تاريخ النشر: الخميس, 19 يناير 2017 - 18:55 مساءً | عدد المشاهدات: 649
تبليغ عن رابط معطوب

ما لم يرد فيه دليل بخصوصه فلا نثبت لفظه ولا ننفيه ونستفصل في معناه ، فإن أُريد به حقٌّ قبلناه وإن أًريد به باطلٌ رددناه

 

اعلم أن مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات مجملٌ في ثلاث نقاط :

أما في الإثبات فنحن نثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله - e - من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريفٍ ولا تعطيل ، بل } ليسَ كمِثلِهِ شيءٌ وهُو السَّميْعُ البَصِير { ، وأما في النفي فهم ينفون عن الله تعالى كل ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسوله - e - مع إثبات كمال الضد ، وأما النقطـة الثالثة فهي قاعدتنا التي معنا ، وهي مذهب أهل السنة والجماعة في ما لم يرد فيه دليل بخصوصه ، أي هناك ألفاظٌ وصفات ، يتكلم بها أهل    التعطيل ، ويفرون منها وحرفوا نصوص الكتاب والسنة من أجلها ولم يرد لها ذكرٌ في الكتاب والسنة بخصوصها، فما هو المذهب فيها عند أهل السنة ؟

إذا علمت هذا فاعلم أن ما لم يرد فيه دليل بخصوصه لنا فيه نظرتان ، نظرة من حيث لفظه ونظرة من حيث معناه ، فأما من حيث لفظه فلا نثبت لفظه لعدم ورود الدليل الخاص به ولم يتكلم به السلف ، وأما من ناحية معناه فالواجب هو التوقف فيه والاستفصال عنه ؛ لأن هذه الألفاظ فيها حق وفيها باطل فهي ألفـاظ مجملة ، واللفظ المجمـل يحتـاج إلى بيـان فنستفصل فيه ، فإن أُريد به حقٌ قبلناه ، وإن أُريد بـه باطلٌ رددنـاه . وحتى تتضح هـذه القاعدة نضرب بعض الفروع عليها :

منها : لفظ( الجهة ) فيقال : هل الله تعالى في جهة ؟ فيقال : إن لفظ الجهة لا نثبته لعدم وروده في القرآن الكريم ولا السنة ولا في كلام السلف ، أما معناه فنتوقف فيه ؛ لأن لفظ الجهة فيه حق وفيه باطل . فنقول : ما ذا تريد بلفظ الجهة ؟ هل تريد به جهة سفلٍ ؟ أم جهة علو محيطة بالله تعالى ؟ أم جهة علو غير محيطةٍ بالله تعالى ؟ فإن أراد الأول فهو باطل ؛ لأن جهة السفل نقص والله تعالى منزه عن النقص . وإن أراد الثاني فهو باطل أيضًا ؛ لأن الله تعالى لا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته . وإن أراد الثالث فهو حق يجوز على الله تعالى ، لكن لا نسميه بالجهة وإنما نسميه بالعلـو ؛ لأن النبي - e - أشـار في خطبة عرفة إلى السماء ، وكذلك لما قال للجارية : (( أين الله )) ؟  قالت : في السماء . رواه مسلم ، وكذلك في الدعاء كان يشير إلى جهة العلو . فالله تعالى في العلو المطلق على ما يليق بجلاله وعظمته .

فصار إذًا لفظ الجهة يحتمل الحق ويحتمل الباطل ، فلو رددناه مطلقًا لأدى ذلك إلى رد ما فيه من الحق ، ولو قبلـناه مطلقًا لأدى ذلك إلى قبـول ما فـيه من الباطل ، لكن لما استفصلنا تميز الحق من الباطل فقبلنا الحق ؛ لأن الحق يجب قبوله ، ورددنا الباطل ؛ لأن الباطل يجب   رده .

ومنها : المكان ، فإذا قيل لك هل الله تعالى في مكان ؟ فقل : أما لفظ المكان فلا نثبته ؛ لعدم ورود الأدلة بإثباته ، ولم يثبت عن السلف القول به ، وأما معناه فنتوقف فيه ، فيقال : ماذا تريد بأن الله تعالى في مكان هل تعني أنه مكان سفل فهو باطل لأن الله تعالى منزه عن النقص والسفل نقص ، أم تريد مكان علو محيط بالله تعالى فهو باطل أيضًا لأن الله تعالى لا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته ، أم تريد مكان علو غير محيط بالله تعالى فهذا حق نثبته لله تعالى لكن لا ننخدع بألفاظ أهل البدع ، ويكفينا من ذلك قول أهل السنة :- إن الله فوق العرش .

ومنها : الحيز ، فإذا قيـل هـل الله تعالى في حيـز ؟ فقل أما لفظ الحيز فلا نثبته لعدم ورود الأدلة النقلية به ولم يتكلم به السلف ، وأما معنـاه فنستفصـل فيـه فنقول هل تريد بالحيز أن الله تعالى تحوزه المخلوقات أو هو يحوزها أي أن الله تعالى فيه شيءٌ من مخلوقاته أو في مخلوقاته شيءٌ منه ؟ فإن أردت هـذا فهـو معنى باطل ، كل البطلان وهو عقيدة أهل الحلول والاتحاد – والعياذ بالله تعالى - ، أم تريـد بالحيـز بمعنى المنحـاز أي أن الله تعـالى منحاز عن خلقه بمعنى أنه منفصل عنهم فليس فيه شيء منهم وليس فيهم شيءٌ منه ؟ فإن أردت هذا فهو قـول صحيـح لكـن لا نتكلم بلفـظ الحيز لأنـه من الألفـاظ البدعيـة التي لم ترد عن السلف ، ويكفينا قول أهل السنة : أن الله مستوٍ على عرشه بائن من خلقه .

ومنها : لفظ الجسم ، فإذا قيل لك هل لله تعالى جسم ؟ فقل إن لفظ الجسم من الألفاظ البدعية التي لم ترد عن السلف فلا نثبته ، وأما معناه فنتوقف فيه ونقول : ماذا تريد بالجسم ؟ هل تريد مـا هو أجـزاءٌ وأبعـاض في حقنـا مفتقـر بعضهـا إلى بعض ؟ فهذا معنى باطل لا يجوز على الله تعالى ، أم تريد به الذات القائمة بنفسها المتصفة بصفات الكمـال ونعوت الجلال ، فهذا حق لكن لا نتكلم بلفظ الجسم لأنه لفظٌ محدث ولكن نسميه ذاتاً وصفاتاً ، وأظن أن القاعدة بهذا الكلام قد اتضحت ، والمقصود أن أهل البدع يقولون كلامًا مجملاً فيه حقٌ وفيه باطلٌ فالواجب على المنصف أن يتثبت في كلامهم قبل أن يرده أو يقبله ، والله تعالى أعلى وأعلم 

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها   وهذا هو معتقد الموحدين أن أمور العبادة حق محض لله تعالى ليس لأحد فيه شرك أو واسطة ، قال تعالى : } فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص { ، وقال تعالى : } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخ ..

الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها   اعلم أن الصفات باعتبار نفيها عن الله تعالى وإثباتها له ثلاثة أنواع : الأول : صفات هي كمال من كل وجه كالعلم والحياة والبصر والسمع والقدرة والقوة ، فهذه تثبت لله تعالى م ..

زيارة القبور شرعية وبدعية

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون زيارة القبور شرعية وبدعية   فالشرعية : هي ما كان قصد الزائر فيها ثلاثة أمور : الأول : أن يدعو للميت أي أن ينفع الميت بدعائه وقد كان النبي - e - يأتي للمقبرة ويدعو للأموات ، الثاني : أن يقصد الزائر الذكر بهذا المنظر وأنها المثوى لكل البشر ويدل عليه قوله - e - : ..

كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر   فتحرم وسائل الشرك الأكبر كلها ؛ لأنها شرك أصغر فتحريم الشرك الأصغر إذًا ليس تحريم مقاصد وإنما هو تحريم وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد ، قال الناظم : وسائل الأحكام تبع المقصد        ..

قاعدة دخول الرياء في الأعمال

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون قاعدة دخول الرياء في الأعمال   اعلم أن الرياء هو العمل للغير تزينًا وهو محرم ، بل هو الشرك الأصغر ففي الحديث :         (( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) فسئل عنه قال : (( الرياء )) فما الحكم لو دخل الرياء في العمل ؟ ..