الرئيسية قواعد العقيدة

باب الصفات أوسع من باب الأسماء وباب الأخبار أوسع من باب الصفات

باب الصفات أوسع من باب الأسماء وباب الأخبار أوسع من باب الصفات

تاريخ النشر: الجمعة, 20 يناير 2017 - 18:21 مساءً | عدد المشاهدات: 3,432
تبليغ عن رابط معطوب
القاعدة الحادية العشرون

باب الصفات أوسع من باب الأسماء وباب الأخبار أوسع من باب الصفات

 

لعلك تذكر أننا قلنا فيما مضى أن شيخ الإسلام يطلق لفظ القديم على الله تعالى من باب الخبر وقلنا أن هذا الكلام سوف يتضح بالقاعدة الحادية والعشرين ، وهذا أوانها فأقول :

عندنا في هذه القاعدة ثلاثة أمور عندنا أسماء وعندنا صفات وعندنا أخبار ، فاعلم أن باب الأسماء  والصفات من الأبواب التوقيفية على الدليل الشرعي الصحيح كما مضى لكن باب الأخبار ليس من الأبواب التوقيفية ، بل هو من الأبواب التي ليس فيها حد معين إلا أنه يجب فيما يُخبرُ به عن الله تعالى أن يكون مما يجوز على الله تعالى ولا يكون فيه نقصٌ بوجهٍ من الوجوه ، هذا أمرٌ . والأمر الثاني : اعلم أن أضيق الأبواب في هذا هو باب الأسماء لأنها أقل من الصفات - هذا فيما نعلم من الأسماء التي في الكتاب والسنة - وبعده يأتي باب الصفات فهو أوسع من باب الأسماء وأضيق من باب الأخبار ذلك أن كل اسمٍ فهو يتضمن صفةً ولا عكس ، فهناك كثيرٌ من الصفات لا يصح أن نشتق منها لله تعالى أسماءً وذلك كصفة المجيء يوم القيامة فلا يصح أن نقول لله تعالى : ( الجائي ) ، ومثله صفة النزول إلى السماء الدنيا فلا يصح أن نقول لله تعالى : ( النازل ) ، وكذلك صفة الكيد والمكر والمخادعة فلا يصح أن نقول لله تعالى : ( الكائد والماكر والمخادع ) فهذه الصفات لا يصح أن نسمي الله تعالى بما اشتق منها ، ولذلك قلنا إن باب الصفات أوسع من باب الأسماء ، وخلاصة الكلام ، أن باب الصفات أوسع لأن هناك صفاتٍ يجوز إطلاقها على الله تعالى  إطلاق وصفٍ لا إطلاق    تسمية ، وأما باب الأخبار والأفعال فإنه أكبر من باب الأسماء وأكبر من باب الصفات لأن مبناه أصلاً ليس على التوقيف وإنما مبناه على صحة الخبر وجوازه على الله تعالى فيجوز أن نخبر عن الله تعالى بما لم يرد في الكتاب والسنة إذا كان خبرًا صحيحًا يجوز عليه لكن لا نعتقد أن هذا الخبر من أسمائه ولا من صفاته لعدم الدليل ، وحتى تتضح هذه القاعدة نضرب بعض الأمثلة .

قد ذكرنا في ثنايا القاعدة أمثلةً على أن هناك صفاتٍ لا يجوز أن نشتق منها لله تعالى أسماءً ، وأما الأمثلة على الأخبار ، فمن أمثلته :

أنه يؤثر عن الإمام أحمد أنه كان يقول في سفره إذا تاه : ( يا دليل الحائرين دلني ) فإذا صح ذلك عنه فإنه يحمل على أنه من باب الأخبار وإلا فليس من أسماء الله تعالى الدليل وليس كذلك من صفاته وإنما من أفعاله جل وعلا أنه هو الذي يهدي التائهين ويدلهم على الطريق الصحيح .

ومن ذلك قول بعض أهل السنة ( إن الله تعالى موجود قديم أزلي واجب الوجود ) فكل هذه الأمور ليست من باب الأسماء ولا من باب الصفات وإنما هي من باب الأخبار عن الله تعالى وكلها أخبارٌ صحيحة تجوز على الله تعالى .

ومــن ذلـك قولـه تعالى : } أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون { فلا يجوز أن يقال لله تعالى :   ( الزارع ) على أنه اسمًا له أو صفةً من صفاته وإنما يقال : هو الزارع على أنه خبرٌ عن فعلٍ من أفعال الله تعالى وليس كل فعلٍ فعله الله تعالى يشتق له منه اسمًا أو صفة . فمن أفعاله تعالى أنه أرسل الرسل وأنزل الكتب ، فلا يقال لله تعالى : ( المرسل أو المنـزل ) على أنه اسمًا له أو صفةً وإنما يجوز ذلك على أنه خبرٌ عن فعلٍ من أفعاله ، ومن ذلك قول النبي - e - في الحديث القدسي : (( يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار )) فلا يقال لله تعالى : ( المقلب ) على أنه اسمًا أو صفةً ولكن يجوز ذلك على أنه خبرٌ عن فعلٍ من أفعال الله تعالى .

ومن ذلك قول بعض أهل السنة إن الله تعالى : ( شيء من الأشياء ) ويستدلون عليه بقوله تعالى : } قل أي شيء أكبر شهادةً قل الله { لكن لا يقال لله تعالى : ( الشيء ) على أنه اسمًا له أو صفة وإنما يجوز ذلك على أنه خبرٌ عنه وهو خبرٌ صحيح ولا شك لهذه الآية .

ومن ذلـك قول الله تعالى : } نـحـن جعـلـنـاهـا تذكـــرةً ومتـاعًا للمقـويـن { فلا يقال إن الله :        ( جاعلٌ ) على أنه اسمٌ أو صفةٌ وإنما يجوز ذلك على أ نه خبر عن فعلٍ من أفعال الله تعالى .

والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا فالواجب هو أن يعرف الإنسان الفرق بين هذه الإضافات فيفرق بين إضافة التسمية وبين إضافة الصفة وبين إضافة الخبر عن الفعل فمن عرف التفريق بينها فقد أوتي خيرًا كثيرًا نسأل الله تعالى أن يوفقنا فيه ، والله تعالى أعلى وأعلم .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها   وهذا هو معتقد الموحدين أن أمور العبادة حق محض لله تعالى ليس لأحد فيه شرك أو واسطة ، قال تعالى : } فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص { ، وقال تعالى : } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخ ..

الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها   اعلم أن الصفات باعتبار نفيها عن الله تعالى وإثباتها له ثلاثة أنواع : الأول : صفات هي كمال من كل وجه كالعلم والحياة والبصر والسمع والقدرة والقوة ، فهذه تثبت لله تعالى م ..

زيارة القبور شرعية وبدعية

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون زيارة القبور شرعية وبدعية   فالشرعية : هي ما كان قصد الزائر فيها ثلاثة أمور : الأول : أن يدعو للميت أي أن ينفع الميت بدعائه وقد كان النبي - e - يأتي للمقبرة ويدعو للأموات ، الثاني : أن يقصد الزائر الذكر بهذا المنظر وأنها المثوى لكل البشر ويدل عليه قوله - e - : ..

كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر   فتحرم وسائل الشرك الأكبر كلها ؛ لأنها شرك أصغر فتحريم الشرك الأصغر إذًا ليس تحريم مقاصد وإنما هو تحريم وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد ، قال الناظم : وسائل الأحكام تبع المقصد        ..

قاعدة دخول الرياء في الأعمال

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون قاعدة دخول الرياء في الأعمال   اعلم أن الرياء هو العمل للغير تزينًا وهو محرم ، بل هو الشرك الأصغر ففي الحديث :         (( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) فسئل عنه قال : (( الرياء )) فما الحكم لو دخل الرياء في العمل ؟ ..