الرئيسية قواعد العقيدة

لا يجوز الحلف إلا بالله أو صفة من صفاته

لا يجوز الحلف إلا بالله أو صفة من صفاته

تاريخ النشر: الجمعة, 20 يناير 2017 - 18:46 مساءً | عدد المشاهدات: 670
تبليغ عن رابط معطوب

 القاعدة السابعة والعشرون

لا يجوز الحلف إلا بالله أو صفة من صفاته

 

إن الحلف عبادة من العبادات دل الدليل على عدم جواز عقدها إلا بالله أو صفة من صفاته ، قال - e - : (( لا تحلفوا بآبائكم من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت )) وقال عليه الصلاة والسلام : (( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )) إذا علم هذا ، فإن من حلف بغير الله تعالى فقال : وجبريل ، أو والنبي ، أو والعيش ، والملح ، أو وحياة أبيك أو وليك أو الأمانة أو الشرف فلا يخلو الحلف بهذا من حالتين : إن اقترن بحلفه تعظيم كتعظيم الله تعالى فهذا شرك أكبر ؛ لأنه جعل الله في مرتبة واحدة مع خلقه ، وإن حلف ولم يعتقد ذلك كالحلف الذي يجري على اللسان مما اعتاد بعض الناس عليه بلا قصد تعظيم فهذا شرك    أصغر ، وهو من أكبر الكبائر – والعياذ بالله - . قال ابن مسعود : ( لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا ) وذلك لأن الحلف بالله مع الكذب معصية وليست شركًا ، لكن الحلف بغير الله ولو صادقًا شركٌ قد يكون أكبرًا أو قد يكون أصغرًا ، وحال المسلمين اليوم ترثى إلى الله تعالى ، فقد تفاقم الأمر وعظم ، فتجد من لم يعظم الله حق تعظيمه إذا حلف كاذبًا لا يحلف إلا بالله تعالى ، فتجده يذكر جميع أسماء الله دونما خوفٍ أو حرج ، لكن يتورع أن يحلف بوليه المزعوم كاذبًا بل وليه أعلى وأجل من أن يحلف به كاذبًا وهذا هو عين الكفر والشرك – والعياذ بالله تعالى - . قال الناظم في نونيته :

لا تحلفن بغير ربك واقتصد            عود لسانـك قلة الأيمـان

فلا يجوز عقد اليمين إلا بالله أو بصفة من صفاته ، كقولك : ( ويد الله وعين الله وكلام الله ، وهكذا ) .

ولذلك اختلف العلماء في الحلف بالمصحف على قولين : فقيل : لا ، وقيل : نعم ، والذي عليه المحققون أن الحلف بالمصحف لا يخلو من حالتين : إما أن يكون قصد الحالف أوراقه وجلدته وحبره فهذا كله مخلوق لا يجوز الحلف به وإما أن ينوي الكلام الذي فيه فإنه كـلام الله فهذا لا بأس به لأن كلام الله صفة من صفاته ، وأنت تسمع كثيرًا بعض الناس يقول : والكعبة وبيت الله ، ورسول الله ، فهذا كله لا يجوز ؛ لأنها مخلوقة بخلاف قولك : ورب البيت ورب الكعبة فهذا جائز لأنه حلف بالله تعالى . وقولك : ( والذي نفسي بيده ) جائز ؛ لأن الذي بيده الأنفس هو الله تعالى ، وقد كان النبي - e - يحلف به كثيرًا .

وأما قول الله تعالى : } والشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ، والنهار إذا جلاها ، والليل إذا يغشاها { وقوله : } والفجر { وقوله : } والضحى { فهذا حلف بالمخلوقات لكنه صادر من الله جل جلاله والقاعدة تقول : الله يحلف بما شاء من مخلوقات وهذا الحلف من الله تعالى يدل على عظمة المحلوف به . لكن البشر لا يحلفون إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته فإذا قلت : أليست الصفة غير الموصوف ، لا أعني بهذا الكلام أن الصفة لا تفيد معنى زائداً على الذات أو أنها منفصلة عن الموصوف بل أعني أنها متصلة به ولكنها تفيد معنى زائداً عنه فذواتنا شيء وصفاتنا شيء ، فكيف يجوز الحلف بالصفة مع أنها ليست هي الموصوف ؟ وقد قلتم سابقًا أنه لا يجوز دعاء الصفة لأنها ليست هي عين الموصوف أو ليس الحلف والدعاء بابها واحد فلم أجزتم الحلف بالصفة ولم تجيزوا دعائها ؟

قلنا وبالله التوفيق : هذا سؤال دقيق ومهم وجوابه : هو معرفة الفرق بين باب الدعاء وباب الحلف ، فإن باب الدعاء مبناه على الافتقار والمذلة التي تقوم بالداعي وأنه لا يدعو إلا من يقدر على الإجابة ، الذي يملك الضر والنفع ، وهذا لا يملكه إلا الله تعالى فلا يفتقر إلا إليه ولا يملك النفع والضر إلا هو سبحانه وتعالى ، فمن هذا الباب لم يجز الدعاء إلا لله تعالى فصفاته لا تملك ضرًا ولا نفعًا لأن الصفة ليست هي عين الموصوف . وأما باب الحلف فمبناه على التعظيم فلا تحلف إلا بمعظم والله وصفاته كلها عظيمة فمن هذا الباب جاز الحلف بالصفة والله سبحانه وتعالى عظيم في ذاته عظيم في صفاته عظيم في أفعاله هذا الجواب الأول . ويقال ثانيًا : أنه قد ثبت في السنة أن النبي - e - حلف ببعض الصفات كقوله - e - : (( والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ولا المقتول في أي شيء قتل )) والأحاديث في ذلك كثيرة لكن لم يرد قط أنه دعا صفة من الصفات وباب العبادة باب مبناه على الحظر والتوقيف ، والله تعالى أعلى وأعلم .

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال حتى الآن. كن أول من يعلق الآن!

شارك بتعليقك

مواضيع ذات صلة

لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الخامسة والخمسون لا يقرن مع الله غيره في أمور العبادة والمشيئة ويجوز ذلك في غيرها   وهذا هو معتقد الموحدين أن أمور العبادة حق محض لله تعالى ليس لأحد فيه شرك أو واسطة ، قال تعالى : } فاعبد الله مخلصًا له الدين ألا لله الدين الخالص { ، وقال تعالى : } وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخ ..

الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الرابعة والخمسون الصفـات التي هي كمـال باعتبـار ، ونقـص باعتبار تثبت لله حـال كمالها وتنفـى عنه حال نقصها   اعلم أن الصفات باعتبار نفيها عن الله تعالى وإثباتها له ثلاثة أنواع : الأول : صفات هي كمال من كل وجه كالعلم والحياة والبصر والسمع والقدرة والقوة ، فهذه تثبت لله تعالى م ..

زيارة القبور شرعية وبدعية

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثالثة والخمسون زيارة القبور شرعية وبدعية   فالشرعية : هي ما كان قصد الزائر فيها ثلاثة أمور : الأول : أن يدعو للميت أي أن ينفع الميت بدعائه وقد كان النبي - e - يأتي للمقبرة ويدعو للأموات ، الثاني : أن يقصد الزائر الذكر بهذا المنظر وأنها المثوى لكل البشر ويدل عليه قوله - e - : ..

كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الثانية والخمسون كل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر   فتحرم وسائل الشرك الأكبر كلها ؛ لأنها شرك أصغر فتحريم الشرك الأصغر إذًا ليس تحريم مقاصد وإنما هو تحريم وسائل والوسائل لها أحكام المقاصد ، قال الناظم : وسائل الأحكام تبع المقصد        ..

قاعدة دخول الرياء في الأعمال

تاريخ النشر: السبت 23 ربيع الثاني 1438 هـ الموافق 21 يناير 2017 مـ
القاعدة الحادية والخمسون قاعدة دخول الرياء في الأعمال   اعلم أن الرياء هو العمل للغير تزينًا وهو محرم ، بل هو الشرك الأصغر ففي الحديث :         (( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) فسئل عنه قال : (( الرياء )) فما الحكم لو دخل الرياء في العمل ؟ ..